التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الدولة الجابية

  لأن السودانيين في عرف الاسلامويين الحاكمين منذ 1989م، ليسوا بمسلمين انما مشركين و كفار و اهل ذمة..!!
  حتي الذين اسلموا منهم وحسن اسلامهم بالانتساب للمؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية بعد ( الفتح ) 1989م هم كحديثي العهد بالاسلام و المؤلفة قلوبهم و الطلقاء، لذا فما يفرض عليهم ليس بضرائب و لا جمارك انما (جزية و خراج وغنائم).
وظيفة دولة المواطنة هي تسهيل الانشطة الاقتصادية و توفير الشروط العادلة لمراكمة الثروات وتنمية الأموال و من ثم تفرض الدولة ضرائب علي تلك الثروات لتسيير شؤونها و للصرف علي بعض البرامج التنموية العامة ( التعليم الاساسي، الصحة العامة و الصحة الاولية و البحث العلمي.. )،
   لأن دولة اسلامويو السودان ليس دولة مواطنة و لأن السودانيون ليسوا مواطنين انما مشركين و كفار و مؤلفة قلوبهم..! لذا لا تكترث حكومة الاسلامويين ﻷي برنامج تنمية او أي مشروع عام بل تكتفي بالصرف علي ما يضمن قوتها و بقاءها و تمكينها..
لقد حولت دولة الاسلامويين ديوان الضرائب الي ديوان جزية و ديوان الجمارك الي ديوان خراج و البنك المركزي الي بيت مال الاخون المسلمين وليس مال المسلمين!!! افقرت الانقاذ من تحكمهم من اهل عهد و ذمة ومشركين و اغنت ( صحابتها ) وتابعيها بغير احسان، و لأن كل الاسلامويين من اصحاب النفوذ والسطوة لا يدفع اغنياءهم لبيت المال خاصتهم حتي؛ بل يدفعون عند الطلب لخزينة التنظيم او يضعون في جيب و حساب أميرهم مباشرة! فالجزية والخراج ليست واجب عليهم وانما علي (اهل الذمة، اي الشعب والمواطنين) لذا تجد السلطة نفسها دوما بحاجة لفرض المزيد من الجزية والخراج علي العوام من اهل الذمة و العهد والمؤلفة قلوبهم.. ان الدولة اما ان تكون دولة حريات اقتصادية -راسمالية فينحصر دورها في تنظيم النشاط المجتمعي و تتقاضي مقابل ذلك ضرائب ورسوم زهيدة و كلما كانت ناجحة في وظيفتها زاد حجم النشاط الاقتصادي المجتمعي و ازدهرت التجارة والصناعة و السياحة وسائر الأعمال فتوسعت مظلة الدافعين للضرائب والرسوم الجمركية وخلافه ومن ثم تحسن الدور التنظيمي والاشرافي للدولة و تتمكن من تجويد وظيفتها و خدماتها؛ او كانت الدولة قابضة فتقوم بكل الانشطة الاقتصادية ( التجارية والصناعية ) ويكون الشعب عبارة عن مستخدم لدي الدولة و مستأجر عندها ..
  اما دولة الاسلامويين في السودان فلا هي رأسمالية ولا هي اشتراكية و لا هي مزيج بينهما!!
  انما مخلوق شائه لا رأس له ولا اطراف بل بطن جائعة لا تشبع اطلاقا!
  اذ عبر سياسة الخصخصة باعت معظم المشاريع المملوكة للدولة ولم تبعها للقطاع  الخاص انما لقطاع جديد من السماسرة المحميين بنفوذ الدولة ولم تكن عملية البيع شفافة ومفتوحة ( مزادات او عطاءات قانونية ) انما في الظلام و في منتهي السرية! فأسفرت العملية عن تخلق قطاع ثالث في الاقتصاد يوظف موارد الدولة لصالح فئة من المحاسيب و مجموعات من السماسرة والمنتفعين.. وضمور وضعف مميت في القطاع الخاص، فيما اصبح القطاع العام غنيمة سهلة عند عتاة الاسلامويين وضعافهم!
و ما لم تنتهي وضعية الدولة الجابية التي تري الدولة غنيمة و الحكم حق ينتزعه من يغلب! و مالم تتغير النظرة الي الضرائب والرسوم الحكومية لتصبح واجب المواطنة لا جزية و لا خراج فلن ينصلح حال السودانيين ولا حال السودان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...