احدي أهم الاختلافات والتي يمكن ان تركت لمن يسيئون توظيفها؛ ان تتحول لخلافات، هي اختلاف المذاهب والأديان خصوصا بين المسلمين والمسيحيين، ثم هناك الاختلافات المذهبية بين المسلمين أنفسهم، و نقطة الخلاف الأخيرة ( الانقسام الداخلي ) هي الأخطر لأن التعايش بين المسلمين و المسيحيين في اثيوبيا يعتمد عليها كليا، اذ لو سادت في الخلاف الاسلامي الداخلي وانتصرت و جهة النظر المتشددة والمتطرفة فانها ستقصي المسلمين المعتدلين ثم تنطلق بعدها لاقصاء كل المختلفين دينيا لتقيم نموذج مشابه لما اقامته طالبان في افغانستان و داعش في سوريا والعراق و حماس في غزة والاخوان المسلمين في السودان.
ان المخرج من التوترات المذهبية يقتضي تطبيق نموذج ديمقراطي حازم لجهة اقامة دولة حكم القانون،
هذا بدوره يقتضي احالة الشأن الديني لهيئة مدنية تمثل المجتمع لا الحكومة، ولا تتدحل الدولة الا من حيث وضع القانون الذي يحكم عمل المنظمات الدينية الاهلية وشؤونها المختلفة من زكاة وصدقات و حج و اوقاف وتعليم ديني و شعيرة الصلاة وسائر الشعائر؛ تلك الهيئة تمثل فيها كل الطوائف الاسلامية علي قدم المساواة، و يستحسن ان ينص القانون علي حظر التمويل الخارجي /الاجنبي لكل الطوائف و الهيئات، وان كان ذلك متعذرا فيجب ان يتم وضع ضوابط تلزم بمعايير شفافية عالية في حالة التمويل الأجنبي و ان يتم بعلم و عبر وزارة الخارجية الاثيوبية..
كما يستحسن ويجب ان ينص القانون الذي ينظم عمل المنظمات الدينية والحياة الروحية علي تجريم الكراهية وتجريم اثارة التعصب الديني الذي يهدد السلم العام الاجتماعي والوحدة الوطنية.
ان بعض الطوائف ( في الغالب مدعومة من الخارج ) تشتكي الان من تمييز الهيئات الحكومية ضدها و محاباة الدولة وتفضيلها لطائفة الاحباش (جماعة صوفية من مسلمي اثيوبيا) علي حسابها لتكون طائفة ومذهب رسمي للدولة!
اسلوب المحاباة مهما كانت النوايا فيه حسنة فهو يصب في خانة تأجيج التوترات المذهبية.
الأجدي ان تترك الدولة طائفة الاحباش تنمو نمو طبيعي في جو تنافس مدني و ديني حر و ديمقراطي و أهلي حتي يقوي عودها كمنظمة مدنية ( هيئة مجتمع مدني ) لتسهم بدورها في صياغة معادلة اسهام مسلمي اثيوبيا في نهضة الوطن.
ان دعم وتفضيل الحكومات لطوائف او تنظيمات دينية علي حساب التنظيمات الأخري لا يضعف التنافس وحسب انما يضعف التنظيمات التي تفضلها.
ان الاديان بطبيعتها لا تمثل خطرا، والطوائف و الفرق الدينية مهما كانت معتنقاتها ومعتقداتها لا تشكل تهديد، بينما الخطر والتهديد الحقيقي كله يكمن في الدعم المالي الأجنبي، اذ مامن ضمان ان ذلك المال لوجه الله والإنسانية، وانه خالي و منزه من الغرض التخابري و الأجندة السياسية الأجنبية.
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق