اساليب واليات مكافحة الفساد معروفة للكافة بدءا بالارادة السياسية و تعزيز مؤسسات دولة حكم القانون ( قضاء، شرطة، نيابة ) و اعادة الاعتبار للبرلمان و لدواوين المراجع العام والحسابات وحرية الصحافة..
وان كان لابد من جهاز واحد مستقل للمكافحة خصوصا في حال نخر الفساد جهاز الدولة الاداري ( البروقراطي ) فان جهاز ( الامبودسمان ) وهو جهاز رقابة ادارية مستقل يعمل بالتوازي مع بقية اجهزة حكم القانون هو النظام المتبع في العديد من الدول.
اما في حالة الفساد المستوطن كما في دولة البشير، فان من المستبعد ان يقوم من يؤسس للفساد بخطوة عملية لمكافحته.
لذا فان تشكيل وحدة مكافحة الفساد التابعة لجهاز الامن يأتي محاولة صريحة لتمييع المسألة و لذر الرماد في العيون!
اذ ليس لأجهزة المخابرات والأمن اي صلة بمكافحة الفساد الداخلي، وليس هذا من اختصاصها و لم يتم تأهيل واعداد كادر المخابرات للقيام بهذه المهمة اصلا!
لكن و لأن دولة البشير ( الاسلاموية ) هي دولة أمنية بامتياز و جهاز الأمن هو الآمر الناهي في كل شئ و لقيادته وعناصره و الكلمة النهائية في كل القضايا والمسائل.. من مقررات رياض الاطفال و مدارس الاساس الي نوع العلاج في المراكز الصحية ومن الخام المستخدم في الصناعات الي المبيد المستخدم في الحقول ومن الرخص التجارية الي تصاديق حمامات الاسواق والمساجد !
وبما ان الدولة ( دولة أمنية ) بوليسية فان جهاز المخابرات والأمن يصبح هو المختص بكل شئ و بمكافحة الفساد..
ثم ان المصيبة الأفدح هي ان الفساد الذي ينخر جهاز الأمن نفسه بحاجة لوحدة مستقلة لمكافحته!!
فالدولة دولة الأمن، لذا فان جهاز الامن هو اكبر مضارب في سوق العملة، واكبر مستثمر في قطاع التعدين و واكبر مساهم و مشارك في قطاع الطاقة والنفط ( قيل ان القط السمين عبدالغفار الشريف كان يرأس مجلس ادارة شركة نفطية 'بترونيد علي ما اعتقد' و يتقاضي منها راتب سنوي قدره 200 الف دولار)!، و اكبر مستثمر في قطاع الخدمات والاتصالات ووو
لن تستطيع ( كائنا من كنت ) من القيام بأي نشاط اقتصادي ما لم تحظي بغطاء من احد اباطرة الدولة الأمنية، ولذا من الطبيعي ان يكون الفساد داخل الجهاز ( الذي اصبح قلب الدولة و رئتها و امعاءها و جهازها الاخراجي! ) اكبر من الفساد في أي جهة او جهاز آخر!
فان سلمنا بسلطة الجهاز لمكافحة الفساد في الحكومة وبجدوي وحدة تحقيفات ومكافحة الفساد صاحبة اللافتة الكبيرة و المقرر المميز بالخرطوم ( شركة الجزيرة للتجارة والخدمات/سابقا ) فمن يتولي سلطة مكافحة الفساد داخل الجهاز نفسه!!
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق