التخطي إلى المحتوى الرئيسي

انسحاب البرهان و عصبته لا انسحاب الجيش

  اعلان انسحاب الجيش من المشهد السياسي، أو بالأصح اعلان النية في الانسحاب من المشهد السياسي و السماح بتشكيل حكومة مدنية (صرفة) بتوافق القوي السياسية لن تكفي لاخراج البلاد من مأزق ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م.. 

فالمطلوب هو انسحاب البرهان و حميدتي و الكباشي و العطا و ابراهيم جابر.. هؤلاء هم المسؤولين المباشرين عن عرقلة الانتقال الديمقراطي قبل انقلاب ٢٥ اكتوبر و بعده..

هذا الخماسي حاول السماح باستمرار اوضاع النظام البائد بعد سقوط النظام البائد في ٦ الي ١١ ابريل ٢٠١٩م و كان فض الاعتصام هو اشارة كبيرة لهذه النية في استمرار الافلات من العقاب و الفساد.. 

تسوية اغسطس ٢٠١٩م ليست مشكلتها في انها كانت شراكة مع هذا الخماسي او مع الجيش انما في كونها أتت بفريق مدني ضعيف سمح باستمرار هيمنة الخماسي الذي لم يتنازل قط عن نواياه الانقلابية و لم يخفيها حتي، و لم يتخلي عن نهج عرقلة الانتقال نحو دولة حكم القانون!

انسحاب الجيش مع بقاء البرهان او أي من عُصبته يعني بقاء النوايا الانقلابية و استمرار جيوب النظام البائد و استمرار نهج الافلات من العقاب و الفساد و دولة اللاقانون الذي كرست له الانقاذ سنواتها الثلاثين الكئيبة..

نوايا عرقلة الانتقال و منع التحول نحو دولة المؤسسات كانت واضحة منذ مرحلة المفاوضات علي الاتفاق السياسي و الوثيقة الدستورية.. فالمماطلة و التسويف كان ديدن الخماسي و فريقهم،

ثم تجلت نوايا الفريق الانقلابي في تجميع بقايا النظام البائد و حزبه الحاكم المحلول في ماعرف بمسيرات الزحف الاخضر و تلويحها بتفويض "الخماسي للانقلاب"..

كذلك تجلت في استمرار "تسهيل" التخريب الاقتصادي عبر تهريب المواد الخام و السلع المدعومة.. و التلاعب في سعر العملة..

كما وضحت النوايا في عرقلة الانتقال في اثارة الغبار و اللغط حول لجنة التمكين و قانونه (الذي امضاه البرهان بختمه) و تمثل ذلك في استقالة الفريق العطا من اللجنة و تعطيل عمل لجنة رجاء نيقولا و التي لم تتجاوز كونها دمية في يد المكون العسكري.. و في بث الشكوك و الشائعات عن فساد في لجنة التمكين (ومن الراجح ان العناصر الفاسدة تمت زراعتها في اللجنة بمعرفة المكون الأمني)..

و استمر نهج عرقلة الانتقال بعرقلة اصلاح المؤسسات العدلية و عرقلة تحقيق العدالة بشأن جرائم القتل و التعذيب و الابادة و حرق القري .. و عرقلة عمل لجنة التحقيق في جريمة فض الاعتصام..

و تطورت عملية عرقلة الانتقال في تفشي الانفلات الأمني في الشرق و جنوب كردفان و في دارفور.. و وصلت قمتها بنشاط الناظر ترك و قفل ميناء بورتسودان و الطريق القومي..

و توج ذلك المجهود في اعتصام القصر "الهزيل"!

و هذا الجهد لا يزال مستمر متمثلاً في الدعاوي و المطالبات الهزيلة التي تنطلق مطالبة باطلاق سراح احمد هارون -مجرم الحرب المطلوب دولياً، و عبدالرحمن الخضر -الفاسد الذي سارت بقصص فساد حكمه لولاية الخرطوم الركبان، و اذا نجحوا في ذلك فسيطالبون باطلاق سراح البشير و عبدالرحيم و بكري و بقية اركان نظام الفساد و الاستبداد الرئيسية.

ما هو مطلوب هو ذهاب البرهان و مجموعته الانقلابية بأكملها، 

انسحاب البرهان و مجموعته الانقلابية؛ و تقدم قيادة عسكرية جديدة للقوات المسلحة لتلتزم مبادئ وحدة القوات المسلحة و عدم تسيسها (تطهيرها من جيوب تنظيم الحركة الاسلامية و أي تنظيم سياسي آخر) و التزامها الحياد السياسي و خضوع القوات النظامية كلها للسلطة المدنية وفقاً للدستور (سواء كانت السلطة المدنية منتخبة او نتاج توافق سياسي انتقالي) .. و اعادة النظر في العقيدة القتالية للقوات و قواعد الاشتباك الخاصة بها بما يتوائم مع مبادئ سيادة حكم القانون و مراعاة مبادئ الدستور الوطني و احترام التزامات الدولة المتعلقة بحقوق الانسان و بالقانون الدولي العام وقت الحرب و وضع الأسس التي تمنع اندلاع حروب أهلية و اقتتال داخلي و انهاك القوات في صراع داخلي بلا أفق نهاية .. الخ

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

سبتمبر ٢٠٢٢م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم تفريغ الجامعات والمعاهد من اي مضمون واضحت الدرجات العلمية مجرد القاب مملكة في غير موضعها...     فاحاديث الرجل لا توحي بشئ في هذا المضمار.. التخصص، كما ان المعلومات المتوافرة في قصاصات الصحف ولقاءات الاذعة لم تفصح عن شئ ايضا!    السيرة الذاتية المتوافرة علي موقعي البرلمان السوداني 'المجلس الوطني' و البرلمان العربي تقول ان البروف-الشيخ حاصل علي بكالريوس العلوم في الفيزياء و ايضا بكالريوس الاداب-علوم سياسية من جامعة الخرطوم! ثم دكتوراة فلسفة العلوم من جامعة كيمبردج. اي شهادتين بكالريوس و شهادة دكتوراة. مامن اشارة لدرجة بروفسير "بروف" والتي يبدو ان زملاءه في السلطة والاعلام هم من منحوه اياها!!    سيرة ذاتية متناقضة وملتبسة تمثل خير عنوان للشخصية التي تمثلها وللادوار السياسية والتنفيذية التي لعبتها!    ابرز ظهور لشخصية الشيخ-البروف كان ابان صراع و مفاصلة الاسلاموين، حينها انحاز البروف لف

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بينها ع

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانتهازيين علي اختلاف مشاربهم ( مؤتمر وطني، و مؤتمر شعبي،اخوان مسلمين، سلفيين، سبدرات، وابوكلابيش، والراحل شدو، اتحاديين الميرغني، و حاتم السر، و الدقير، و احمد بلال، واشراقة سيد، و احزاب امة مسار، و نهار، و مبارك المهدي، وحسن اسماعيل.. الخ ) و غيرهم يحاولون جميعا تصوير الأمر علي انه يعني سقوط البشير لوحده!   البشير لم يسقط وحده، فهو يرمز لعهد باكمله، و يرمز لاسلوب في الحكم و الإدارة وتسيير الشأن العام ( السياسة )، و بسقوطه سقط مجمل ذلك العهد و اسلوب الحكم و السياسة و الادارة..   و سقط ايضا كل من اعانوه او اشتركوا معه و كانوا جزء من نظامه في اي مرحلة من مراحله المقيتة. و حين تقوم مؤسسات العدالة وتنهض لاداء دورها سيتم تحديد المسؤوليات بدقة و بميزانها الصارم و سيتم توضيح ( من فعل ماذا؟ و من تخاذل متي؟ ). البشير لم يحكم وحده حتي وان استبد في اخريات ايامه و سنوات، بل كان له مساعدون و اعوان في ذلك الاستبداد و داعمين لان