لم أطلع علي تفاصيل ملف الاقطان (وقد قيل ان
التفاصيل ملأت عربة نصف نقل –دفار- من الورق)، لكن اذا كان ما سمحت به لنا
الظروف بمعرفته عبر ما تسرب "وهي
شحيحة تلكم الظروف"، وما تداولته وسائط الاعلام الموالي للسلطة او المقربة
منها او الخاضعة لسيف الترهيب وذهب الترغيب، هو ما تسرب والمتعلق بسلوك رئيس
المحكمة الدستورية (وهي المحكمة الارفع مركزا والتي لا معقب لكلماتها وفقا للنظام
القضائي في السودان)،،
فإن
خلاصة ما يمكن قوله هنا هو ان الفساد الذي استحكم تماما بصورة تجعل مكافحته (بواسطة
ذات السلطة التي مهدت له) ضربا من حرب طواحين الهواء.. وان جديد السلطة الان هو
التطبيع للفساد حتي تكون غاية جهد الحادبين هي انكاره بقلوبهم او بالسنتهم همهمةً
.
الازمة ليست في رئيس المحكمة الدستورية الذي
شارك في العملية التي فاحت منها رائحة تزكم، بل في النظام الاداري والقانوني الذي
يسمح لقاضي باستلام اموال كمقابل لعمل من جهة غير مخدمه ..
يحاول
البعض استغلال جهل الكثيرين "بما في ذلك قانونيين" بطبيعة واسلوب
التحكيم لتمرير كلام فطير معناه انه يجوز للقاضي ان ينضم لهيئة تحكيم وان المحكم
يتقاضي مقابل ..الخ، فما نعلم وما ينكرون هو ان القاضي موظف دولة في المقام الاول
، وان اي موظف دولة عادي (ناهيك عن القاضي) يجب الا يستلم أي أموال من أي جهة خلاف
مخدمه (الدولة) وأن أي أموال تستحق نظير عمل يقوم به هي اموال يجب ان تودع في
خزانة الدولة ولا يستلم منها الموظف او القاضي إلا راتبه وحوافزه ومكافأته وفقا
للدرجة الوظيفية التي يشغلها و وفقا للنظام المالي والاداري الذي تتبعه الخدمة
المدنية، فالجهد الذي يبذله هو جهد تملكه الدولة التي وظفته وليس جهده الخاص .
واذا
كان كبير قضاة المحكمة الدستورية تسول له نفسه القيام بهكذا ممارسات فلنا مطلق
الحرية في تخيل ما يحدث في باقي المنظومة التي هي اسفل منه في سلم هرم الجهاز الذي
يديره!!!
وان كان ما طفا من جبل الفساد يتعلق بمن تم
اللجوء اليه للفصل بين المتنازعين فلكم ولنا ان نتخيل فداحة العمليات الفاسدة التي
تمت وتتم باموال ومصالح المواطن داخل اروقة الاقطان وباقي مؤسسات وشركات النظام الفاسد
حتي النخاع والتي يتم إخفاءها عن اعين الجهاز المنوط به الرقابة (نائب عام/ مراجع
عام/ قضاء..وقدر..الخ)
بعده نزداد يقينا ان تلف نخاع الدولة والنظام
بسبب جرثومة الفساد لم يترك مجالا لحديث عن علاج الا علاج الاقتلاع.
تعليقات
إرسال تعليق