" دول الخليج تملك امكانات تؤهلها كي تصنع من الفسيخ شربات ..
لكنها اختارت ان تصنع من الشربات فسيخا"
ولإنجاح ذلك المخطط تم أولا إختزال الحراك الذي أسفر عنه الربيع الي صراع مصغر داخل مصر بين الجهاز البروقراطي للدولة المصرية "جيش وقضاء.." من جانب وأخوان مصر من جانب آخر وبالتالي تحييد كل الفاعلين السياسيين في مصر (حركات ديمقراطية-شبابية- وحتي الحركات الاسلامية والسلفية التي ليست علي وفاق تام مع الاخوان).
هذه العملية "التزييف" وان كانت في قسم منها تتم لصالح الانظمة الخليجية الا ان لها بعد دولي، فالأنظمة الخليجية "امنية وسياسية" ليست لها من الدربة والحنكة ما يؤهلها للتخطيط لمثل هذه العمليات المعقدة سياسيا ونفسيا، ففي الغالب هناك انظمة غربية واقليمية ضالعة في نسج خيوط هذه العملية وتتضح بجلاء اصابع السياسة البريطانية ذات الباع الطويل في التعامل مع شعوب وحكومات المنطقة ثم الاصابع الامريكية ايضا ذات المصالح في استقرار واستمرار الوضع الراهن "وضع ماقبل حكومات الثورات العربية"،
للتأكيد علي صحة هذه الفرضية ثمة اسئلة علي أي مراقب ان يطرحها منها: أولا: هل قطر داعمة لجماعة الاخوان قلبا وغالباً؟؟
وثانياً: هل قطر في ذاتها دولة اخوانية؟ أي هل حكم آل ثاني يمثل رؤية الاخوان للحكم الاسلامي؟؟
ثالثا: هل تعادي قطر المملكة السعودية بكل ما لها من حجم اقتصادي ورمزية دينية اقليميا ودوليا، هل تعاديها فعلا ولأجل سواد عيون الجماعة وتنظيمها الدولي؟؟
هناك خطوط غير مرئية تمثل حدود علاقة قطر بتنظيم الاخوان، فالدولة القطرية تلعب دوراً في عملية أكبر مما يتخيل الجميع خصوصا الاخوان، دور يمثل مصالح جهات دولية واقليمية تري تلك الجهات ان مصلحتها تقتضي إبقاء الاسلام السياسي "الحركي" في حيز الفعالية أولاً، والمسيطر عليه ثانياً، وتستغل تلك الجهات "بوساطة قطر" عيب خلقي يلازم حركات الاسلام السياسي وهو مادية تلك الحركات (اعتمادها المطلق علي المادة والمال الخليجي أو الغربي نفسه) وهي لا تتحرك ابدا من منطلق وازع ديني واو هدف رسالي كما تزعم وانما بمقابل اثمان معلومة ومدفوعة سلفا،
كما تستغل ايضا "لإنجاح المخطط" عيب يلازم الحركات الديمقراطية العربية وهو طفولية قيادات تلك الحركات وانتهازيتها وانتهازية النخب التي تبحث دائما عمن يخوض معاركها نيابة عنها ويحقق ويحمي مصالحها دون ان تتكبد هي عناء دفع أي ثمن سواء كان من ينوب عنها الجيش او السعودية..
ثمة سؤال آخر لا يقل أهمية، هو هل فعلا تعادي السعودية تنظيم الاخوان المسلمين بالفعل؟ ما هي اسباب ذاك العداء؟؟ والي اي مدي يمكن ان تصل في حربها ضدهم؟؟؟
فحالة العداء التي اعلنت مؤخرا و وصلت لحد إعلان الجماعة منظمة ارهابية بالنسبة للسعودية فاجأت العديدين بمافيهم قادة الجماعة ومعلوم ان الجماعة وان لم تكن تشارك ال سعود الانتماء المذهبي الا انها تعد من اقرب الجماعات الدينية (والسياسية) للمذهب الحنبلي/بتفريعاته من ابن تيمية الي ابن قيم؛ الوهابي، كما معلوم ان الجماعة حظيت بعطف ودعم ال سعود لعقود طويلة!! فما الذي استجد وقلب ذلك التعاطف الي عداء والدعم الي حرب؟؟ الشيئ الوحيد الذي جد هو تحول تلك الجماعة من حركة (دعوة ومعارضة سياسية) الي جماعة حاكمة متحكمة وحزب سلطة.. ونظام ال سعود (وينبغي ان تشاركه كل العوائل الحاكمة في الخليج وخارجه في ذلك) لا يسمح بتحول الانتماء المذهبي والايمان (وان كان ايمان ذا بعد سياسي) ليصبح متأطرا في تنظيم سياسي يطمح كي يكون الحاكم بامره (أي أمر التنظيم)، مقبول لدي تلك الانظمة الحكم بأمر الله أو امر العائلة أما أمر التنظيم !! فلا وألف لا.
تعليقات
إرسال تعليق