فضيلة الندم و الاحساس بالذنب يبدو انها هي الفضيلة الغائبة التي يتشارك فيها كل من سلك في صفوف الاسلامويين دون تمييز، يتساوي في ذلك الذين اعتزلوا منذ انقلاب 30يونيو أو بعده قليلاً (الراحل الطيب زين العابدين، و التجاني عبد القادر، و عبد الوهاب الافندي..الخ) أو الذين اعتزلوا بعد مفاصلة 1999م الشهيرة، مع الذين انحازوا لمعسكر القصر أو معسكر الشيخ/ المنشية!
فالمعتزلة الاوائل نفضوا ايديهم من الانقلاب بعد ان خدموا التنظيم حتي اوصلوه الي عتبة السلطة! انفضوا دون ان يؤنبهم ضميرهم! و لم يفعلوا شئ يذكر للشعب تساعده علي التخلص من المصيبة التي حلت به و التي اسهم المعتزلة الاوائل بسهم وافر في تسبيبها!
كذلك انزوي معتزلة صراع الرئيس و الشيخ، بما يؤكد ان سبب اعتزالهم ليس اعتراضاً علي سياسات عامة انما راعهم ان يروا جماعتهم تنقسم الي طائفتين تتنازعان السلطة بل و تقتتلان عليها و هم كانوا يظنوها جماعة اعتصام بحبل الله، و وحدة جماعة تريد ان توحد أمة لا اله إلا الله محمد رسول الله..
هؤلاء ايضاً ذهبوا في حال سبيلهم بمجرد الانقسام، و كسابقيهم لم يفيدوا البلاد و العباد في مسيرة الخلاص من قبضة تنظيم الموت و الفساد الحاكم!
أما الذين بقوا في كلا المعسكرين (وطني/شعبي) فكل انشغل بما لديه، الأولون بالسلطة و نفوذها و بهرجها و متاعها، و الاخرين اكتفوا ان يعودوا بالشيخ صاحب المشروع و الفكرة و عزوا انفسهم بأنهم اصحاب المبادئ! مع انه بدا لكل ذي بصيرة الا مبدأ في هذا الشأن انما صراع سياسة و مصالح ..
و رغم ان اختلاف المعسكرين كان في شق منه رحمة اذ فقدت السلطة بعضاً من قوتها التي كانت توجهها لقمع الناس و المعارضين خصوصاً، إلا انه كان عذاب في الشق الأكبر منه اذ ان الطرفان اختارا أرض دارفور ساحة لتصفية خصومتهما فكانت الحرب التي قادها عن جماعة الشيخ/ الشعبي بعض من ابناء دارفور فيه (دكتور خليل و أخوه جبريل و اخرين) و كان ما كان من شأن سفك الدماء و الاغتصاب و الحرق و الدمار الذي روع الإنسانية جمعاء.
في أيام المواكب و التظاهرات كانت لدي كثير من الكيزان (شعبيين و وطنيين) فرصة لينفضوا ايديهم من العمل الاثم الذي قامت و تقوم به حكومتهم و تنظيمهم الذي توحد أو كاد علي طاولة حوار وطني مزعوم، لكنهم اجمعين ظلوا مثابرين في الدفاع عن سلطتهم التي اغتصبوها! دفاعا باللسان و الحجة و الكذب الصريح و التضليل و بعضهم ارتدي زي الشرطة و الدعم السريع في انتحال صريح و انتحال شخصية الموظف العام عمل معهود فيهم اذ ان بينهم من ارتدي زي القوات المسلحة عشية ٣٠ يونيو ١٩٨٩م.
ظلوا يماحكون و يكيدون برغم نصيحة أحد شيوخهم لهم أن "سردبوا" فإن الأمر انقضي لكنهم لم يستبينوا النصح لا في يومها و لا ضحي الغد ..
قلة منهم و خصوصاً الشباب شاركوا في المواكب لكن مشاركتهم بقيت فردية و معزولة اذ لم يتوجوها بعمل تنظيمي واضح يقطع مع ارث الشيوخ الاباء أو الاجداد، و حتي أغلب هؤلاء عجزوا ان يسيروا في مشوارهم الي آخر الشوط، اذ لا تزال الوشائج تشدهم الي ارث التنظيم، كما راعهم ان يروا البناء الذي شاركوا في تشيده ينهار فيما يشبه الصدمة العاطفية و الحنين الي الماضي!
اليوم بدأنا نسمع بعض الأصوات "الانقاذية" اللائمة لاخوانها، و اللوم وحده لا يكفي .. علي أولئك الذين استفاقت ضمائرهم أن يتجهوا الي السلطات المختصة "لجنة إزالة التمكين و النائب العام" و أن يكشفوا ما بحوزتهم و ما بطرفهم من اموال أو اصول أو معلومات أو وثائق عن فساد أو أي جرم ارتكب بحق الشعب و مؤسساته. و إن يتوجهوا كذلك للرأي العام و يكشفوا ما بحوزتهم من أسرار حقبة ثلاثة عقود من الكتمان و التجاوزات و الانتهاكات.
يوليو ٢٠٢٠م
تعليقات
إرسال تعليق