التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن الاتفاق القانوني الملزم بشأن سد اثيوبيا

 المطلب المصري الذي تبناه السودان!!

عن الاتفاق القانوني الملزم بشأن السد الاثيوبي

بمجرد وصول السد الاثيوبي مرحل الملء الأولي تعقدت المفاوضات بين الاطراف الثلاث؛ مصر دولة المصب و اثيوبيا دولة المنبع و السودان دولة المنبع و الممر "كثير من روافد النيل الرئيسية تتكون و تلتحق بالمجري الرئيسي في السودان..
فقبل اكتمال الانشاءات الاساسية كانت الاطراف علي مقربة من ابرام توافقات بناءة كان اخرها اتفاق المبادئ المبرم في ٢٠١٥م، اتفاق المبادئ ٢٠١٥م كان يؤمل ان يكون مرجعية بما احتوي من مبادئ (التعاون التنموي و التوافق علي التسوية السلمية و حل كل الخلافات في اطار مظلة الاتحاد الافريقي..الخ)

لكن مع الأسف تناست كل الاطراف تلك المبادئ و تمترست خلف مواقفها و اغراضها مع سعي متلازم لتوظيف الازمة الاقليمية في خدمة الاجندة الداخلية لحكومات تلك الدول و تقوية قبضة الطبقة السياسية فيها!
مؤخراً انتقلت مصر بملف السد الي مجلس الأمن الدولي (جلسة ٨ يوليو ٢٠٢١م) مقترحة توسيع وساطة الاتحاد الافريقي المنصوص عليها في اتفاق ٢٠١٥م لتشمل الامم المتحدة و الولايات المتحدة و اوروبا.. هذا المقترح المصري لم يجد صدي لدي الولايات المتحدة و لا لدي الاتحاد الاوروبي؛ و يبدو ان استراتيجية مصر التي تتبناها في ادارتها لملف المياه و سد النهضة لم يتم تحديثها عقب التطور الذي حدث في اميركا و اوروبا (سقوط ترامب و صعود بايدن و تراجع حظوظ اليمين في اوروبا كذلك..) فترامب كان حليف قوي لمصر و تجلي ذلك في مقترحاته التي رفضتها اثيوبيا بحزم في ٢٠٢٠م، هذا علاوة علي ان الصين (صاحبة الدور الصاعد في افريقيا و الاستثمارات المتنامية في اثيوبيا) و روسيا ليست لهما اية مصلحة في هذا الاتجاه و عارضتا الخطوة بل و يمكن ان تستخدما حق النقض لعرقلتها ان لزم الأمر!
ان نقل الملف الي مجلس الأمن كان بمثابة قفزة غير موفقة و في غير وقتها..
الحجة الأثيرة لدي المصريين هي ان اثيوبيا استغلت فترة انشغال مصر بأزمتها السياسية (٢٠١١-٢٠١٣م)، و في الحقيقة ان سد النهضة كشف (فقط) صفرية رصيد مصر افريقياً، و بالتالي تقدم اثيوبيا عليها دبلوماسياً في المضمار الدولي ايضاً، و لذا فان مصر تستهلك الأن رصيد السودان و الذي هو ضئيل بسبب سياسات حكم البشير؛ و ما يسعي لبناءه من رصيد عقب اسقاط البشير فان مصر ستصفره!
ان مطلب مصر الذي ترفع به صوتها و يشاركها السودان فيه (حدث تحول في موقف السودان منتصف العام ٢٠٢٠م) و المتمثل في المطالبة بان يكون ملء و تشغيل السد الاثيوبي بموجب اتفاق قانوني ملزم .. هو مطلب لا يستند الي منطق سياسي و لا قانوني.
فمبدأ السيادة الوطنية في السياسة و العلاقات الدولية يعفي الدول من ان تلتزم سياسياً فتقدم بيانات و معلومات تتعلق بمشاريعها التنموية و مكتسباتها و امكاناتها و مواردها..
و قانونياً فإن ما طالبت به مصر "و انضم لها فيه السودان" لا يدخل في وصف الاتفاق الدولي انما هو مطلب بأن تقوم اثيوبيا بالتزام منفرد "تعهد" قانوني ملزم؟! و هذا اشبه بالتوقيع علي وثيقة استسلام و اعتراف بالهزيمة!
الاتفاق الدولي القانوني الملزم هو الذي يحتوي علي التزامات طرفين او اكثر و ليس التزام طرف واحد! فمصر و السودان لن تقدم اي مقابل لقاء التزام اثيوبيا بشروطهما لملء و تشغيل السد، كان الاجدر ان يتم تطوير مبادرة حوض النيل لتتولي مهمة جمع و تحليل و تبادل معلومات المياه او ان يتم التوافق علي الية فنية اخري بين الدول الثلاث بالتزامات متساوية لتقوم بالغرض علي ان تتقاسم الاطراف الثلاث الاعباء الادارية بشكل منصف.
 
يوليو ٢٠٢١م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم تفريغ الجامعات والمعاهد من اي مضمون واضحت الدرجات العلمية مجرد القاب مملكة في غير موضعها...     فاحاديث الرجل لا توحي بشئ في هذا المضمار.. التخصص، كما ان المعلومات المتوافرة في قصاصات الصحف ولقاءات الاذعة لم تفصح عن شئ ايضا!    السيرة الذاتية المتوافرة علي موقعي البرلمان السوداني 'المجلس الوطني' و البرلمان العربي تقول ان البروف-الشيخ حاصل علي بكالريوس العلوم في الفيزياء و ايضا بكالريوس الاداب-علوم سياسية من جامعة الخرطوم! ثم دكتوراة فلسفة العلوم من جامعة كيمبردج. اي شهادتين بكالريوس و شهادة دكتوراة. مامن اشارة لدرجة بروفسير "بروف" والتي يبدو ان زملاءه في السلطة والاعلام هم من منحوه اياها!!    سيرة ذاتية متناقضة وملتبسة تمثل خير عنوان للشخصية التي تمثلها وللادوار السياسية والتنفيذية التي لعبتها!    ابرز ظهور لشخصية الشيخ-البروف كان ابان صراع و مفاصلة الاسلاموين، حينها انحاز البروف لف

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بينها ع

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانتهازيين علي اختلاف مشاربهم ( مؤتمر وطني، و مؤتمر شعبي،اخوان مسلمين، سلفيين، سبدرات، وابوكلابيش، والراحل شدو، اتحاديين الميرغني، و حاتم السر، و الدقير، و احمد بلال، واشراقة سيد، و احزاب امة مسار، و نهار، و مبارك المهدي، وحسن اسماعيل.. الخ ) و غيرهم يحاولون جميعا تصوير الأمر علي انه يعني سقوط البشير لوحده!   البشير لم يسقط وحده، فهو يرمز لعهد باكمله، و يرمز لاسلوب في الحكم و الإدارة وتسيير الشأن العام ( السياسة )، و بسقوطه سقط مجمل ذلك العهد و اسلوب الحكم و السياسة و الادارة..   و سقط ايضا كل من اعانوه او اشتركوا معه و كانوا جزء من نظامه في اي مرحلة من مراحله المقيتة. و حين تقوم مؤسسات العدالة وتنهض لاداء دورها سيتم تحديد المسؤوليات بدقة و بميزانها الصارم و سيتم توضيح ( من فعل ماذا؟ و من تخاذل متي؟ ). البشير لم يحكم وحده حتي وان استبد في اخريات ايامه و سنوات، بل كان له مساعدون و اعوان في ذلك الاستبداد و داعمين لان