التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مكافحة الشعبوية

  الشعبوية السياسية هي الخطر الحقيقي الذي تنتج عنه اتساع دوائر الارهاب، و زيادة العنف و العنف المضاد، و المشاكل و الازمات السياسية بين الدول؛ و داخلها بين مكوناتها.. 

 نتجت عن الشعبوية عدة ظواهر سالبة منها الاسلاموفوبيا و معاداة المهاجرين و الخوف من الاجانب، و ارتكبت العديد من الجرائم ضد الاجانب بمبرر و مسوغ الشعبوية، اكبرها هجوم النرويج في يوليو 2011م، و الذي راح ضحيته 70 قتيلا قتلهم الجاني (بريفيك).

بدأت الشعبوية السياسية تتسيد المشهد الدولي اعتباراً من فوز بوش الابن بانتخابات الرئاسة الامريكية في العام 2000م، ثم صعود احزاب يمينية متطرفة في اوروبا (فرنسا و النمسا و ايطاليا)، ثم طغت بفوز دونالد ترامب في انتخابات 2016م، و صعود التيار الداعم لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ثم فوز بوريس جونسون برئاسة وزراء بريطانيا، و فوز بولسينارو برئاسة البرازيل و فوز رئيس وزراء استراليا الحالي .. 

بينما في الشرق الاوسط يمثل الليكود الاسرائيلي بزعامة بنيامين نتنياهو اكبر رمز للشعبوية في المنطقة؛ و اكبر حليف داعم و مستفيد من صعود الشعبوية في الغرب الأمريكي و الاوروبي و في استراليا.

و رغم ان العالم العربي و الاسلامي يمثل اكبر خاسر من صعود الشعبوية السياسية عالمياً، إلا ان انظمة عدة في المنطقة تمثل اكبر داعم و متعاون مع التيار الشعبوي، خصوصاً انظمة الخليج!

ان كنا نرغب في كسر حدة الارهاب، و تخفيف من أثر جرائم فوبيا الاجانب، و معاداة المهاجرين، فيجب اولاً التعاطي مع "الشعبوية"، و التخفيف من غلواءها، و تجريد الشعبوين من الغطاء الوطني و السياسي الذي يتشحون به، و يجب كشف اؤلئك الموتورين الذين صعدوا علي أكتاف البسطاء، و الذين حولوا شعارات عنصرية و عصبيات الي خطاب سياسي و برنامج سياسي!

ان الشعبويين بالسيطرة علي حكومات الولايات المتحدة و بريطانيا لا يوقفون مسيرة تقدم العالم "العولمة" وحدها، بل يهددون باعادته الي قرون ما قبل التعاون الدولي "الأمم المتحدة" و عصر ما قبل عصبة الامم، بل و عصر ما قبل الاستعمار، ما يضع البشرية علي حافة انحرف مختلف عما شهده خلال القرن العشرين، و ما يعني ان حربين عالميتين كانتا بلا قيمة و بلا دروس! 

 إن العالم، بفضل الشعبوية، يمكن أن ينخرط في حروب فناء حقيقية في عصر سباق التسلح و ترسانات الاسلحة النووية و القنابل الهيدروجينية و الترسانات الكيماوية و البيالوجية و الصواريخ الباليستية العابرة للقارات..

كما ان الشعبويين بانكارهم الكثير من حقائق العلم و المعرفة الإنسانية، و "انكار التغير المناخي"، يجعلون العالم مكاناً خطراً جداً، و عرضة للكوارث الطبيعية بسبب زيادة الحرارة، و ما ينتج عنها من حرائق للغابات "البرازيل و استراليا"، و للفيضانات و السيول، و الانزلاقات الجليدية و الطينية، و التلوث بالسموم الكيماوية و الاشعاعية، كما أنهم يعرقلون تطور العلوم و الابحاث الطبية العلاجية، بسبب مزاعمهم الدينية و اعتقاداتهم الساذجة! 

ان العالم يحتاج و بشكل اكثر الحاحاً للتكاتف و تكثيف جهوده لمكافحة الشعبوية.. 

العالم يحتاج مراكز لرصد و مكافحة الشعبوية و ظواهر معادات المهاجرين.. الخ، كما برزت من فترة مراكز رصد التطرف و الارهاب ..

كما يحتاج الي وكالة اممية مختصة تجعل من مكافحة الشعبوية وظيفة لها و غاية، كما افرد من قبل لجان و وكالات لمكافحة الارهاب و الجريمة المنظمة.

فبراير ٢٠٢٠م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...