التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حق التظاهر و الاحتجاج في ظل الأنظمة الديمقراطية أو الانتقال-ديمقراطية..

   ثمة حقيقة علينا أن نضعها نصب أعيننا و هي أن التظاهر / أو الدعوة للتظاهر في ظل الأنظمة والحكومات الديمقراطية أو الانتقالية نحو الديمقراطية و دولة المواطنة و سيادة حكم القانون يختلف عنه في ظل أنظمة العسف و القمع و البطش و الإستبداد..

عملية التظاهر و التجمع للاحتجاج السلمي في النظم الديمقراطية تدعي (تنظيم التظاهرات) و يترتب عليها مسؤوليات علي الجهة التي تدعو للتظاهر و الاحتجاج؛ من ذلك أنها مسؤولة عن ضبط مسار التظاهرة و ضبط الهتافات؛ و ضبط الشعارات التي ترفع بحيث لا تشكل جريمة تحريض أو كراهية أو سباب و قذف و تجريح و اساءة؛ و ضبط و لجم اي تفلت أو جنوح نحو العنف يصدر من داخل الحشد، كما أنها مسؤولة عن التنسيق مع الشرطة لتجنب أي طارئ قد يحدث و لم يكن في الحسبان..

لذا فعلي الجهة الداعية (و التي يجب أن تكون معروفة في ذاتها أو ان تعرف و تعلن عن نفسها بوضوح و تعلن عن أهدافها من الدعوة) للاحتجاج و التظاهر أن تنتدب أفراد منها يتولون عملية تنظيم سير التظاهرة و توجيه المشاركين.. و في حالة وقوع أي تجاوزات نتيجة إهمال الجهة المنظمة و الداعية للتظاهر فإن من واجب الشرطة حينها أن تتخذ إجراءاتها ضد تلك الجهة ممثلة في الأشخاص الذين تقدموا بالاخطار القانوني المسبق لتنظيم التظاهرة لمحاسبتهم علي الأضرار التي تنجم عن الإهمال أمام المحكمة المختصة، لذا علي كل جهة تدعو للتظاهر أن تتأكد من قدرتها علي تنظيم التظاهرة و السيطرة عليها بحيث تحول دون تطور التظاهرة من وانتقالها من خانة ممارسة حرية التعبير و التجمع الي فعل فوضوي و عبث بالممتلكات و الأرواح و مضايقة للجمهور.

بينما في حالة الدعوة للاحتجاج في ظل أنظمة لا تعترف بالحق في التظاهر و لا تقر الحق في الاحتجاج فإنه يمكن قبول دعوات مجهولة المصدر و للاحتجاج في أماكن متعددة في نفس الوقت و بمسارات مفتوحة علي كل الاحتمالات، ففي حالة الأنظمة القمعية يتحمل كل مشارك مسؤولية مشاركته كاملة مع توقع طفيف للتضامن و المناصرة من أشخاص أو مجموعات غير محددة المعالم في حالة وقوع مكروه.

و هذا ما لزم توضيحه.

 * اكتوبر ٢٠١٩م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...