التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رواية كلها ثقوب: فض الاعتصام بلسان اعضاء المجلس العسكري

٢ أسطس ٢٠١٩م

لم يكن احد يتوقع ان يجري فض الاعتصام بالقوة كما لم يكن ليتوقع ان يصحب ذلك هذا الكم الهائل من الشهداء ( 128 شهيدا وفق اخر احصاء ) و عدد مهول من الاصابات والاعتقالات في الساعات الاولي و ان يتم معاملة المعتقلين و كأنهم اسري حرب بل واسوء من ذلك اذ تعرضوا لاهانات بالغة واعتداءات بالضرب و تم توثيق اياديهم خلف ظهورهم و اجبارهم علي الاضجاع علي الارض و اعتداء عليهم جسديا و لفظيا كما ان هناك روايات تتحدث عن اعتداءات جنسية و اغتصاب للنساء و الرجال ايضا! و هذا لم يحدث في صراعات البلقان ولا في اشد حروب احراش افريقيا وحشية!

عدم التوقع ناتج عن تأكيدات المجلس العسكري المتكررة عن انه لن يقدم اطلاقا عن خطوة فض الاعتصام مطلقا و انه يحمي المعتصمين! و عن ان فض الاعتصام سيعقد الازمة اكثر!

لكن حدث ما لم يكن احد يتوقعه و اثبت المجلس العسكري انه لا كلمة له و لا امان كما اثبت انه علي قدر كبير من الغباء و الوحشية ايضا..

وفيما كانت عملية الفض تجري علي قدم وساق كان بعض اعضاء المجلس يتحدثون عن تنظيف منطقة "كولومبيا" اسفل كوبري النيل الازرق القريب من ساحة الاعتصام! كما نفوا ان يكون هناك اي هجوم علي الساحة الرئيسية، وحتي بعد ان نقلت الفضائيات صور العملية كان المجلس يتحدث عن ان بامكان المعتصمين العودة لاماكنهم وانهم غير مستهدفين بل المستهدف عناصر متفلتة من "كولومبيا" المزعومة دخلت ساحة الاعتصام.. فيما رسميا بعد ساعات قلائل من جريمة فض الاعتصام والمجزرة التي حدثت خرج رئيس مجلس لوردات الحرب ليعلن ان الاتفاق مع قوي اعلان الحرية والتغيير لم يعد ملزم لهم وانهم قطعوا الاتصال معها 'اشارة الي انهم لن يتحاوروا معها مجددا'! واشارة كذلك لأن الفض تم بعلم و امر و لفائدة المجلس العسكري 'لوردات الحرب'، كما اعلن عن انه ينتوي عقد انتخابات في غضون تسعة اشهر وانه ينوي تشكيل حكومة انتقالية تشرف علي تسيير امور الدولة لحين انتخاب حكومة! و قام ذات المجلس بقطع خدمة الانترنت عن الهواتف المحمولة علي كامل نطاق القطر منذ نهار عملية الفض 3 يونيو وظل القطع ساري حتي تاريخه!

و قام كذلك بنشر قوات مليشيا عضو المجلس 'حميدتي' بامتداد العاصمة السودانية بمدنها الثلاث قبل ان يعود و يمركز وجودها في مدينة الخرطوم بينما ينشر وحدات من الجيش في مدينة امدرمان و ينشر وحدات الشرطة في الخرطوم بحري..

لعدة ايام كان المجلس ينفي رسميا انه "تعمد" فض الاعتصام وانه سيجري تحقيقا لاجلاء الحقائق! .. لكنه عاد بعد ساعات واعلن انه لن يسمح بأي تجمعات حول قيادة الجيش و قرب المناطق العسكرية!

بعدها عاد و اعلن ان فض الاعتصام كان بقرار منه وانه تشاور فيه مع رئيس القضاء و النائب العام، لكن صدر نفي من رئيس القضاء و من النائب العام 'تم اقالته' لذلك الحديث الذي صدر علي لسان اثنان من قادة مجلس لوردات الحرب!

فعاد اعضاء المجلس برواية جديدة مفادها ان ضباطا بالقوات المختلفة قادوا العملية دون امر منه و دون علمه وان التحقيق الذي يجريه بواسطة لجنة عسكرية امرت باعتقال اؤلئك الضباط!

بينما اعلن النائب العام انه فتح تحقيقا و يستمع لافادات شهود حول القتل الذي جري.. لكن سيف العزل طاله و لا يتوقع ان يوالي النائب العام المعين بديلا له العمل باستقلالية! اذ لم يصدر اي تصريح عنه حتي الأن!

هذه هي الرواية الرسمية و التي جاءت مليئة بالثقوب والثغرات! و تروي قصة غير متماسكة البناء و مشوشة جدا تكشف ضعف راويها 'مجلس لوردات الحرب' حتي في نسج الاكاذيب! و تدني مقدراته الذهنية وضعف مواهبه الادارية والسياسية..

اليوم، بعد اربعة اسابيع من مجزرة فض اعتصام القيادة يقف مجلس لوردات الحرب الاهلية عاجزين عن التقدم و الحكم و تشكيل حكومتهم كما اعلنوا و عاجزين عن التراجع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...