خرافة "سرقة الثورة" بعد خرافة "الدولة العميقة"
بحمد لله ثبت سريعا خطل مصطلح الدولة العميقة فهو غير دقيق حتي في البيئة التي انتجته انما هو محاولة لهدم القديم بالنافع منه واقامة مؤسسات سلطة جديدة موالية بالكامل لمستبد جديد بحسب ما كان يخطط الاخوان المسلمون في مصر قبل الاطاحة بهم! لكن بحمد الله اتضح للسودانيين من عشاق استلاف المصطلحات زيف استلافهم قبل الدخول في جدل و مطاولات عقيمة،
بقي مصطلح "سرقة الثورة" الذي يترنم به بعض السياسيين و كثير من الثوار!
يتحدثون عن الثورة و كأنها حقيبة صغيرة او غرض و متاع تافه بامكان أي لص-سياسة "انتهازي" ان يسرقه و يخفيه بعيدا عن الانظار!
يضربون المثل باكتوبر و ابريل، ويتناسون ان الثورة جذوة في العقول و الضمائر، عقول الملايين من ابناء الشعب كهولا و شباب، و هتاف في أفواه اطفال في بواكير الطفولة، الثورة ايمان وقر في ضمير شعب..
ما حدث منذ ديسمبر 2018 هو ثورة بالمعني الحقيقي، ثورة اشعلها الشعب و غذاها بدمه و عرقه طيلة خمسة اشهر، ثورة خططت لها الاف العقول و فكرت فيها صبحا و مساءا و اجتهدت في ذلك بالبحث عن كل ما يقودها للنجاح وخاضت مناقشات رفيعة في كل ازقة الحواري الشعبية و غيرها و في معسكرات النزوح و في المغتربات و المنافي الجليدية، هي ليست عمل نخبة من نقابات او أحزاب او نخبة مفكرين، هي عمل شعب من الفها الي ياءها،
ثم اهم من ذلك هي فعل شارك فيه الشعب بمختلف فئاته الاجتماعية و العمرية لذا كلهم اصحاب مصلحة في اكتمال اثرها، و كلهم حرص علي عدم انطفاء جذوتها و اوفياء لدماء شهداءها و جرحاها ممن بذلوا المهج والاطراف واصيبوا اصابات غائرة فرووا بدمهم فكرتها..
هي تختلف عن ابريل و اكتوبر و تلك مجرد اتتفاضات هدفها اسقاط حاكم في شخصه،
بينما الثورة هدفها اسقاط نهج و اسلوب حكم و حياة و اقامة نهج مغاير مكانه..
ان الثورة تبلغ كمالها في يوم معين بل وفي لحظة معينة لا يكون ما بعدها كما كان ما قبلها، تملك في تلك اللحظة كل الجمهور وعي متكامل و خطاب اجتماعي جديد تتفرع عنه رؤية سياسية و قانونية وثقافية واقتصادية و روحية مغايرة لما كان سائد.
و اذا كانت الثورة تبلغ كمالها في لحظة فانها لا تبلغ كل مقاصدها و لا تحقق كل اهدافها في يوم و لا في شهر..
ان الثورة تنجح حين تتملك روحها كل القوي السياسية والاحزاب الفاعلة فتسعي بقدم الثورة و تنظر بعينها و تضرب بيدها وتتكلم بلسانها و تنظر بعينها..
وان عجزت الاحزاب القديمة في تمثل روح الثورة فان الثورة تنجح بتجاوز ما هو قديم فتخلق قواها الجديدة واحزابها التي تسير باهدافها قدما، فالثورة تقدم مشروع فكري متكامل يصلح لعدة عقود في المستقبل و ان وجدت الجهات والمنظمات الحادبة علي مستقبل الشعب الثائر فانها تستطيع تعديل و تطوير ذلك المشروع فيصلح لقارات لا بلد واحد و لقرون كما الثورة الفرنسية و الامريكية لا عدة سنوات فقط.
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق