التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السودانيون يبحثون عن بداية جديدة..

السودانيون يبحثون بداية جديدة..
بعد تخبط و فساد و اهدار للموارد و الحقوق استمر لثلاثة عقود يحاول السودانيون اليوم العثور علي ارضية ثابتة ينطلقون منها للامام..
هذه ليست بالمهمة الهينة، فحكم البشير-الاسلامويين دمر كل مؤسسات الحكم و المجتمع، ما يعني ان البداية الجديدة ستكون من الصفر او من نقطة قريبة من الصفر ان كنا متفائلين..
مهام البداية الجديدة تتطلب العمل في كل الاتجاهات وفي نفس الوقت و لا تحتمل الانتظار لانجاز مهمة قبل الانطلاق في بدء اخري..
ملف العدالة و رد الحقوق و المظالم مثلا يجب الشروع فيها فورا و في ذات الوقت اصلاح اجهزة تطبيق و تنفيذ القانون ( القضاء و العدل و النائب العام و نقابة المحامين و الشرطة.. )
اصلاح الجهاز المصرفي كذلك مهمة لا تحتمل التأجيل، فالازمات المالية و التخبط و ظهور اشكال من المعاملات و صيغ التمويل البدائية و المجحفة لازمت النظام منذ ايامه الاولي كما كان لأزمة السيولة دور كبير في تعجيل نهايته، فالبنوك بحجة الاسلمة تم تحويلها لضيعة تمرح فيها المحسوبيات و الولاءات و تتصرف في مدخرات المواطنين بلا حسيب وبلا رقيب فيما كان البنك المركزي هو مايسترو هذا النشيد الفوضوي!
اصلاح الخدمة المدنية و جهاز الخدمات العامة بمختلف اوجهها ايضا مهمة عاجلة، فقطاعات الصحة و التعليم بلغت درجة من السوء لا يمكن تحملها..
اصلاح النقابات ايضا مهمة تحتاج لاشراف الحكومة،
ومن ذلك اصلاح مهنة المحاماة، واصلاح نقابة المحاماة؛ ان المرء ليعجب كيف يتم افراغ مهنة حديثة تتصل بالحقوق و الحريات بالكيفية التي تمت؟! و كيف يتم تدجين نقابة عريقة كنقابة المحامين السودانيين؟!
هذا الحال الماثل يتطلب اعادة بعث هذه المهنة و ربطها بالزمالات العالمية و التأهيل العلمي و المهني الرفيع في زمن اصبح التأهيل فيه في المتناول ( من شبكة المعلوماتية الدولية ) حيث الدورات المعتمدة من ارفع المعاهد و الجامعات. 
الحريات الصحفية و الحق في النشر وتلقي المعلومات و اصلاح وتنظيم العمل الاعلامي،
استقلال الجامعات والمعاهد العليا و البحث العلمي
كل هذه الأمور وغيرها كثير تنتظر المعالجة والحلول من الحكومة الانتقالية و المراجعات العاجلة لتصحيح الاختلالات و الاعوجاج..
يبقي السؤال هو من اين ينطلق الاصلاح و كل شئ تم تخريبه و ما من أرضية ثابتة للارتكاز عليها و الانطلاق منها؟! كل شئ متحرك كالرمال؟!
ان الخروج من حالة الفراغ والسيولة هذه يتطلب الحرص علي عدم الانزلاق في جدليات عقيمة ( كايهما اول البيضة ام الدجاجة؟! ) و الدستور اولا ام المؤسسات التي تسنه؟!
فالارضية الوحيدة المتاحة هي ارضية التوافق الشعبي بين كل الفئات التي اسهمت في انجاح التغيير و شاركت عمليا في قيادة ثورة السودانيين.. هذه هي الارضية الوحيدة و المثلي الصالحة للانطلاق، فالبناء لن يتم او يكتمل في يوم واحد او بفعل واحد انما بسلسلة من الافعال والخطوات و ما يهم الأن هو البداية الصحيحة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...