ما الذي يدفع رجل يعمل مستشار قانوني لمجلس الامة الكويتي لقبول تكليف وزاري في السودان؟ هل هو حب الاوطان و العمل علي خدمتها؟ طبعا لا فالرجل منذ تسنمه وزارة العدل في حكومة معتز موسي لم يفعل ما يمكن ان نصفه بخدمة الوطن!
هل هو حب السلطة و بريقها و ابهة الاستوزار؟ ربما .. علي كل حال الدافع المادي العادي مستبعد فالرجل كان يصرف بالدينار الكويتي القوي مفتول العضلات! لكن ربما يكون دافع مادي فوق العادة فخدمة الاجندة العابرة للحدود 'التيار الاسلام-سياسي/الاخواني؛ احد تلك الاجندة العابرة والتي تلقي دعم خليجي من الكويت الي قطر' توفر عائد مادي دولاري يغري!
سيرة الرجل 'وزير عدل البشير' تقول انه التحق بخدمة برلمان مايو 'مجلس الشعب' منذ السبعينات ثم بقي في المنصب و خدم كل المجالس المتعاقبة المنتخبة ديمقراطيا والمعينة و المنتخبة لا ديمقرطيا و المختلطة 'الجمعية التأسيسية - المجلس الوطني الانتقالي المجلس الوطني ما بعد الانتقالي و مجلس وطني - نيفاشا؛ اي ما بعد اتفاق السلام الشامل و ما بعد انتخابات 2010م ام المعايير الدولية!
هذه الخدمة احدي عجائب البرقراطية السودانية ، فالوزير القانوني مثله مثل الوزيرة و مستشارة القصر التي تمثل ايضا احدي عجائب الادارة في السودان، اتوا الي مقار هامة بالتنقل الروتيني ثم 'حتلوا' و سدوا الطريق علي من يأتي بعدهم، و لم يقدموا شئ يذكر لجهة اقامة العدل و ترسيخ بنيان دولة حكم القانون، بل علي العكس كان عملهم هو تقديم الحجج و المبررات والفتاوي التي تجوز الانتهاكات و الخروقات للمبادئ القانونية و لحقوق الانسان و المواطن!
وظيفة وزير العدل و مستشاري وزارته و النائب العام و معاونيه و رئيس السلطة القضائية و قضاته هي خدمة القانون لا غيره مراعاة الاعتبارات القانونية لا غيرها.. هذا في كل النظم في العالم.
لكن وظيفتهم في نظام البشير ليست خدمة القانون بل خدمة السياسة و السياسي المتربع علي عرش السلطة! وليس مراعاة الاعتبارات القانونية؛ انما تجاوز القانون لصالح اي اعتبار سياسي او لمحسوبيات و مجاملات من اي طبيعة وصنف و نوع!
ان المرء ليحار حقا في ماهية المبررات و الوجدان الذي يعتمد عليه هؤلاء فيسوغ لهم ممارسة وظائفهم باسم القانون، و ذبح القانون من الوريد للوريد باسم القانون ايضا، اي نوع من الضمائر يستقر في جنباتهم!
ان سلطة الانقاذ تصلح كنموذج لغلبة العناصر الفاسدة فيها علي العناصر غير الفاسدة، و هذا لم يتوافر في اي منظومة اخري من قبل لا داخل السودان ولا خارجه!
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق