التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تظاهرات السودان .. الحشود سيدة الموقف و سيارات 'التاتشر' تلعب دور الشرير

  رابط الشعب السوداني في شوارع مدن العاصمة الثلاث و عواصم و مدن و قري بقية الولايات لستين يوما الأن، خلالها كان الشعب هو سيد الموقف بامتياز، و اصبح تجمع المهنيين ( و هو نقابة موازية لا تعترف بها الحكومة ) هو اللاعب الأول في المسرح السياسي متخطيا المعارضة التقليدية و الحزب الحاكم نفسه. النساء السودانيات و بحضور طاغي ناهزت نسبته في بعض المواقف ال 50% شاركن بقوة في الحراك لا تخطئها العين، لدرجة حدت بمنظمي المظاهر لاطلاق لقب ( كنداكات ) عليهن، و هذا لقب من عصر الممالك السودانية ما قبل الميلاد؛ ويطلق علي النساء اللائي يتبوءن الملك و قيادة الجيوش في المعارك ( ملكات مقاتلات ). و حدت أحد مسئولي الحزب الحاكم بولاية العاصمة للقول بأن تفشي "العنوسة" احد اهم اسباب التظاهرات!
  شاركت في الحراك كذلك مختلف الفئات العمرية من الاطفال الي الشيوخ و قد اضطرت السلطات الي اغلاق ( رياض الاطفال ) والمدارس في الايام الاولي قبل ان تعود الي فتحها.. فيما لا تزال الجامعات مغلقة بقرار أمني منذ مستهل العام و حتي اللحظة! و لجأت القوات و المجاميع الموالية لحكومة البشير للعنف ضد الجميع و لتهيدد و ضرب و توبيخ الاطفال و معلميهم و اولياء امورهم!
ذات المليشيا لجأت الي اتباع عدة تكتيكات قبل تضطر للتخلي عن معظمها، من ذلك لجوءها للقمع واستخدام القوة المفرطة باستخدام الرصاص الحي و الاعتداءات بالهراوات، والاعتداءات والانتهاكات الجنسية والتعذيب في حق المعتقلين، كما لجأت للتحرشات الجنسية بحق النساء ( الكنداكات ) بغرض الحد من مشاركتهن في التظاهرات و المواكب. كما لجأت لاستخدام قوات بزي مدني وعندما تصدت الجموع لها بعدسات التصوير ( من الهواتف المحمولة خصوصا ) لجأت تلك القوات للإختباء خلف أقنعة و أغطية تخفي ملامح لوجه! كما انها لجأت لاستخدام كل القوات الأمنية في الأسابيع الأولي ( شرطة، أمن وطني، امن شعبي، أمن طلابي، كتائب الظل، كتائب البشير.. ) قبل أن تعود و تستخدمها بالتناوب لتحافظ علي كفاءة ومعنويات أفرادها! كذلك لجأت السلطات الامنية لتكتيكات مختلفة منها مطاردة المتظاهرين داخل ازقة الاحياء و اقتحام المنازل و القاء قنابل الغاز المسيل داخلها و داخل المستشفيات و اعتقال الاطباء و المصابين .. و اتبعت كذلك تكتيك التصريحات التهديدية كما صدر وسمع الجميع علي لسان كل من النائب السابق للرئيس و الرئيس السابق للبرلمان ( علي عثمان محمدطه و الفاتح عز الدين علي ) علي التوالي؛ حين لوح الاول الي ان الحركة الاسلامية التي تمثل قلب الحزب الحاكم تملك كتائب ظل ستدافع عن النظام باستماتة و هدد الثاني صراحة بقطع رؤوس من يتظاهرون ضد النظام! حاولت الحكومة احيانا فض المتجمعين قبل انطلاق للموكب و تعمدت تشديد قمعها للنساء و الفتيات لتقليل مشاركتهن، كما لجاءت لزيادة وجود عناصرها باللباس المدني خصوصا الراجلين منهم للفت من عضد المتظاهرين و ارباك تجمعاتهم و مواكبهم السلمية. ازاء كل ذلك يثير تمسك المتظاهرين بسلمية حراكهم، فهي ثورة كاملة السلمية و لا تشوب سلميتها شائبة عنف، العنف الذي يحدث يقع من جانب واحد هو جانب الحكومة و اجهزتها و الحزب الحاكم والمتحكم! انتجت تلك المظاهرات السلمية ادبياتها و واغانيها و شعاراتها والتي يمثل الهاشتاق ( تسقط بس ) ايقونتها الاولي بامتياز حتي ان صداه تردد خارج السودان، فيما راجت العديد من الاغاني الشبابية ( الراب ) اشهرها اغنية عن كتائب الظل تندد بدموية الحكومة.
  فيما مثلت سيارات التايوتا-لاندكروزر بيك اب التي تستخدمها المجاميع الأمنية و التي يطلق عليها السودانيون تسمية "تاتشر" تشبيها لها برئيسة وزراء بريطانيا السابقة الراحلة مارغريت تاتشر لما تتمتع به من قوة و صرامة، و مثلت تلك السيارة التاتشر ايقونة غير مرغوب فيها لنشطاء الاحتجاجات و التظاهرات اذ مع وصولها يحل الرصاص محل الهتافات والاهازيج الثورية و ينتشر الغاز المسيل للدموع في الهواء و تنتشر فرق الضرب بالهروات والاعتقال.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...