كمالا هاريس هل تدخل قائمة نواب الرئيس "الاستثنائيين" و تصبح اول رئيسة للولايات المتحدة الاميركية؟!
يتفق الكثيرون حول ان وظيفة الأمين العام للأمم المتحدة هي أتفه و أحقر و ظيفة و عمل، لكن ما لا يعرفونه ان الوظيفة التي تليها مباشرةً هي "نائب الرئيس الاميركي" .. لا نعني بذلك العائد المالي لتينك الوظيفتين و لا الصيت و الشهرة انما نعني التأثير و القيمة الفعلية لما يقوم به من عمل؛ فاذا كان الأمين العام (يعرب عن قلقه لموت و نزوح الاطفال و النساء و الشيوخ) فإن نائب الرئيس الاميركي ليس له حتي من "الاعراب عن القلق" نصيب، فالنظام الاميركي يقوم علي ذات فكرة المملكة الحيوانية -أي مفهوم الذكر المهيمن- فالرئيس هو وحده المنتخب بينما طاقم ادارته من وزراء و مستشارين و "نائب رئيس" فهم مجرد موظفين عند ال Big Boss "الرئيس"..
في النظام الاميركي حكام الولايات و اعضاء الكونغرس و "عُمد البلديات" لديهم وظيفة و واجبات اهم من واجبات النائب و الوزراء و المستشارين..
ثم ان نائب الرئيس ملزم تماماً بعدم التصرف و التحدث الا بأمر من الرئيس او علي الاقل بتنسيق محكم .
كما ان النائب يتم تعيينه من قبل الرئيس و عادةً الرؤساء لا يختارون لوظيفة النائب الا الاشخاص الطيعين اصحاب الحضور الباهت حتي لا يخطفوا منهم الاضواء و لا يشاركوهم في السلطة.. بل و النواب انفسهم و من تلقاء ذاتهم يتعمدون تقليص تصرفاتهم و تقييدها لسببين: الاول؛ هو ارضاء الرئيس. و الثاني؛ هو تجنب المزالق و عدم التأثر سلباً بمواقف الرئيس لأن أعينهم كذلك متعلقة بالترشح للمقعد الاول و مركز الذكر الاميركي المهيمن علي القطيع..
تلك الاسباب هي في خاتمة المطاف ذات اسباب الصورة الباهتة للنواب؛ تلك الصورة التي تنطبع في ذهن الناخبين و تتسبب في احجامهم عن التصويت لهم عندما تحين "ساعة الحقيقة"، كما ان التظاهر و التماهي مع الرئيس دائما ما يتسبب في مسخ هوية النائب؛ هذا ان كان النائب بقي في المنصب لدورة واحدة؛ اما ان بقي فيه لدورتين رئاسيتين في تأثيرهما يكون حاسماً ..
و اذا القينا نظرة علي تاريخ الرئاسات الاميركية فاننا نجد ستة فقط من النواب (ال ٤٦) نجحوا في الوصول لمركز الرئيس بالانتخابات ثلاثة منهم هم من عهد المؤسسين (توماس جيفرسون، و جون ادمز، و جيمس ماديسون) و الثلاثة الاخرين في مرحلة وسيطة او متأخرة من تاريخ البيت الابيض؛ هم ريتشارد نيكسون، و بوش الأب و آخرهم النائب-الرئبس بايدن، بينما ثمانية نواب آخرين وصلوا لموقع الرئيس بسبب وفاة او استقالة الرئيس!
النواب "المتأخرين" الذين نجحوا في خلافة رؤساءهم فشلوا في الحصول علي ولاية ثانية "بوش و بايدن" بينما نيكسون اضطر للاستقالة علي خلفية فضيحة التجسس علي خصومه الديمقراطيين (ووتر قيت).
أما النواب الذين فشلوا و خسروا سباق الانتخابات الرئاسية او انتهت مسيرتهم عند منصب "النائب/نائب الذكر المهيمن" فهم الاغلبية (ابرزهم آل غور - نائب الرئيس كلينتون، ديك شيني -نائب الرئيس بوش الابن، و مايك بنس -نائب الرئيس ترامب ..).
ما تقدم لا يصب في مصلحة المرشحة "نائبة" كمالا هاريس؛ و يمثل خصماً علي حظوظها في الفوز في مواجهة مرشح متمرس و متعصب و لا سقف قانوني و لا أخلاقي يردعه علي الاقدام علي كل مامن شأنه ان يؤمن له الفوز..
لكن بالمقابل لهاريس ما يدعم حظوظها؛ من ذلك انها أول سيدة تشغل منصب نائب الرئيس، و قد انهت عهدتها في خدمة الرئيس -حتي الأن- بشكل جيد و بلا متاعب او معوقات..
ثم؛ المجتمع الاميركي (الذكوري من الدرجة الأولي) اصبح مهيأ لرئيس (سيدة) بعد ملحمة هيلاري كلينتون في مواجهة ترامب ذاته و الذي كانت عهدته كارثية بالنسبة لكثير من الليبراليين و حتي للناخبين العاديين.
كما أن ترامب نفسه الذي يدعم حظوظه بشخصيته العدائية و المتعصبة تمثل تلك الصفات نقائص لكتلة انتخابية ليست هينة و قد تصوت تلك الكتلة لهاريس ليس اقتناعاً بها و بأفكارها و برنامجها، انما فقط لتجنب عهدة جديدة لترامب.
ان ظلال منصب "النائب" لم تطغي علي صورة "هاريس" بشكل كامل لأنها اولاً بقيت لدورة واحدة فقط في المنصب بعد ان اضطر رئيسها للانسحاب من سباق الرئاسة و التنازل عن طموحه للحصول علي تجديد الولاية الرئاسية تحت ضغط عامل التقدم في العمر، و تراجع الحالة الصحية و العقلية.. فيما نجحت هي في البقاء في ظل الرئيس بشكل ايجابي دون التورط في أي مشاكل سياسية؛ علاوةً علي ان ولاية بايدن ذاتها مرت بلا متاعب كبيرة و لعل السبب في ذلك هو ذاته التقدم في العمر الذي قيد حركة و تصرفات الرئيس فالتقدم في العمر له حسنات ايضاً منها انه يعصم صاحبه عن المغامرة و التهور و الاقدام هلي اي تصرفات او خطوات غير محسوبة.
ثم و مثلما حظي المرشح و الرئيس السابق ترامب بدعم شخصيات مهمة ك"إيلون ماسك" أغني رجل في العالم، فان المرشحة هاريس تحظي بدعم شخصيات ذات نفوذ كبير كالرئيس الاسبق باراك اوباما؛ و المغنية الشهيرة تايلور سويفت؛ و المغني الأشهر "ايمينم" و المغنية ذات الشعبية الطاغية
"بيونسيه" و غيرهم ..
لذا فان فرصة و حظوظ "هاريس" بهذا الحسابات -مثلما بحسابات استطلاعات الرأي- افضل من فرص الرئيس السابق ترامب.
تعليقات
إرسال تعليق