هل السيد حمدوك "الموسس" عارف انه المشكلة لا تكمن في "التركة المثقلة" وحدها انما في ان عناصر المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية الذين دمروا المؤسسات و الدولة و المجتمع و هم في موقع المسؤولية يقومون الأن بمضاعفة ذلك المجهود و هم خارج موقع المسؤولية تساعدهم دول اقليمية عبر ازرع مخابراتية و منظومات تضمر خلاف ما تعلن و تفعل خلاف ما تقول؟!
هل يعلم أم لا يعلم؟
سبق و كتبنا عن اهمية تحصين الانتقال الديمقراطي في السودان، لأننا نعلم ان قوي اقليمية وازنة تكرس جهد و ترصد ميزانيات ضخمة لاجهاض أي نموذج ديمقراطي..
هي تتحدث علناً عن دعمها لارداة الشعوب لكن سراً و عبر قنوات خفية تقوم بعمل كبير لتزييف تلك الارادة و لاجهاض اي تجربة حكم راشد ..
نجحت تلك القوي بسهولة في اجهاض الانتقال في مصر، كما سعت لاجهاضه في اليمن و سوريا و ليبيا و كان المقابل حروب اهلية و ضحايا بالالف و ازمات انسانية فادحة.. و هي تحاول في تونس و تقترب من انجاز المهمة، و تسعي في لبنان.
و قبل ذلك عملت علي اجهاض النموذج الديمقراطي لحليفها الاميركي في افغانستان و العراق! و نجحت في ذلك فكان الخروج المذل من افغانستان و تعقد المهمة في العراق!
تخيلوا؛ قوي حليفة لأميركا و تستفيد من مظلتها و مع ذلك تعمل بلا كلل و تنجح في افشال مشاريع "الحليف" كل ذلك لأنها تعتبر ان احداث تطور في الانظمة السياسية في المنطقة هو بالنسبة اليها مسألة وجود، فهي تظن واهمة ان اقامة حكومات ديمقراطية في بعض المجتمعات في الاقليم يهدد عروشها!
ان تلك القوي القادرة علي افشال سياسات اميركا لقوي ينبغي الحذر منها و التحسب لخطرها..
تلك القوي الاقليمية تعمل مع جيوب في مؤسسات الدول المستهدفة (و بينها السودان) و تنظيمات سلطوية فيها و توفر لها دعم مالي سخي و دعم اعلامي و تقني بلا حدود..
تلك القوي الاقليمية متفقة في استراتيجيتها تلك و ان كانت تتظاهر انها تقف مواقف متباينة و متصارعة في الظاهر، اكبر دليل علي ذلك ان خلافها و ازمتها الأخيرة انتهت دون ان يعرف احد بنود الاتفاق و الصلح و لا اسباب الخلاف في الأصل!
من الواضح لنا ان الازمات التي اخذت بتلابيب الوطن منذ مستهل العام ٢٠٢٠م و المتمثلة في ازمات الوقود و الكهرباء و الخبز و الدواء .. اضافة الي المضاربة في العملات لاضعاف مركز الجنيه، و تهريب الذهب، بالتوازي مع خلق سيولة امنية "و تراخي أمني و عدلي".. و تلك الازمات وصلت قمتها مع اغلاق الموانئ و الطريق القومي نحو البحر الاحمر، كل ذلك بهدف ان يخضع المواطن و ينكسر تحت وطأة الضوائق الاقتصادية و يستسلم للشعارات التي يتم تمريرها ب"أن الحل يكمن في حكومة عسكرية قوية"، و يتنازل عن مطالبه في الحرية و السلام و العدالة، و يتخلي عن ثورته التي ارست قيم العمل السياسي السلمي و الاتحاد الوطني الذي يسمو علي الانتماءات العنصرية و الجهوية، و يتخلي عن التوجه الجديد القائم علي التعويل علي الذات و علي ارادة الشعب و عدم انتظار الحلول السياسية التي تأتي من الخارج.. كل تلك الازمات و التكتيكات فشلت حتي الأن، فالشعب السوداني تعود علي الضوائق منذ اوائل عهد الانقاذ عندما ناصبت كل العالم العداء "و خصوصاً مصر و الخليج" و رفعت شعارات الاعتماد علي الذات و الموارد المحلية، و حينها تعرضت البلاد لحصار اقتصادي و سياسي و دبلوماسي بل و اضحي الموطن السوداني منبوذ و غير مرغوب فيه اينما اتجه! ان تلك العزلة و ذلك الحصار منح السودانيين حصانة ضد سلاح التضييق الاقتصادي..
كذلك فان التلويح بسيناريوهات ليبيا و اليمن و سوريا لن تجدي مع السودان الذي عاش تجربة حرب أهلية منذ قبل ميلاد الدولة الوطنية المستقلة (توريت ١٩٥٥م) في جنوب السودان و حرب أهلية طاحنة في دارفور بلغت مستويات الازمة الانسانية الدولية و مرحلة ارتكاب جرائم ضد الانسانية و الابادة البشرية.. و انتهي كل ذلك بانفصال جنوب السودان فيما لم تهدأ دارفور بصورة نهائية الا بعد انهكت كل القوي المتصارعة، كل ذلك دون يجد السودان الاهتمام و الدعم الذي يستحقه من تلك القوي التي تقحم نفسها الان لتحدد له مصيره السياسي و مستقبل شعبه.
الحصانة التي تمتع بها السودانيين و دولتهم ضد المخططات الخارجية لا تعني بحال ان تقف الحكومة مكتوفة الايدي امام الاصابع و المخالب الخبيثة الاجنبية و معاونوها من عملاء الداخل، بل يجب تفعيل كل الاجهزة لترصد تلك التدخلات و تبتر تلك الايدي التي تحاول العبث بمقدرات السودان، و العمل علي اعادة موضعة اجهزة المخابرات علي اختلاف تخصصاتها (المخابرات العامة، المباحث العامة، الاستخبارت ..الخ) لتدافع عن نظام سياسي يعبر عن الشعب (نظام ديمقراطي مدني) بعد ان كانت تدافع عن انظمة حكم التنظيم الواحد و الرئيس الفرد.
••••••••••••••••••••••••••
٢١ اكتوبر ٢٠٢١م
تعليقات
إرسال تعليق