هل اقترب "نوروز سياسي" من عرش ايات الله؟!
أغسطس ٢٠٢١م
في ايران قام توازن مهم خلال العقدين الاخيرين داخل نظام الثورة الاسلامية يعتمد علي سيطرة المحافظين علي منصب المرشد و الحرس الثوري و فيلق القدس و البسيج و سائر المناصب العسكرية و الأمنية و القضاء و مجالس السلطة الرئيسية (مجلس الخبراء و مجلس صيانة الدستور و مجلس تشخيص مصلحة النظام) بينما يسيطر الاصلاحيون علي البرلمان و منصب رئيس الجمهورية.
بدأ ذلك التوازن بوضوح في عهد الرئيس خاتمي، لكن في عهد احمدي نجاد اختل هذا التوازن، و بسبب ذلك الاختلال دخل النظام الاسلامي في عنق الزجاجة، و حدثت الثورة الخضراء التي كادت ان تطيح بكل شئ حتي حدثت ازمة مكتومة بين المرشد و الرئيس..
يبدو ان النظام الذي يسيطر عليه المحافظين لم يتنبه لمركزية هذا التوازن و اهميته فجاءت الانتخابات الاخيرة التي صممها النظام لصالح المحافظين ما ادي لفوز رئيس القضاء السابق ابراهيم رئيسي..
معلوم ان رئيس الجمهورية في ايران منصب قليل الاهمية فالرئيس في ايران لا يعدو كونه "سكرتير تنفيذي" للمرشد! مع ذلك يميل المحافظين لتبني نهج اكثر تشدداً حتي مع من يقفون معهم علي ذات الارضية "المعتدلين" برغم ان الاصلاحيين يلعبون دور هام لمصلحة النظام يتمثل في جسر المسافة بين حكام ايران المتشددين و باقي القطاعات الشعبية و التي لا تقبل بالسلطة الا قبولها بما هو مفروض كأمر واقع.
ان الثورة الخضراء التي حدثت ايام احمدي نجاد و التفاف الجمهور الايراني حول مهدي كروبي و مير حسين موسوي لم يكن مقصوداً لذاته بقدر ما يعكس ضيق الجمهور باستبداد النخبة الدينية الحاكمة منذ ١٩٧٩م.
ان سيطرة المحافظين اليوم علي كامل المسرح يزيد من فرص تنامي الرفض الشعبي ليبلغ درجة المقاومة، و في ظل موجات ثورية تضرب محيط ايران "الربيع العربي" فان نوروز سياسي ايراني يبقي مرجحاً بشدة. احتجاجات منطقة الاهواز قد تكون مقدمة لما هو اكبر و أشمل يعم كامل الاراضي الايرانية و لن تعود ايران بعدها كما كانت قبلها.
فالتوازن الهش القائم بين المحافظين و الاصلاحيين يحفظ مصلحة النظام الحاكم كما يخدم مصلحة فئات شعبية واسعة تسعي للتقدم و مواكبة العالم (الثورة الايرانية -الاسلامية عملياً اعاقت تقدم ايران؛ و استبدلت الشاه المنفتح نسبياً بآيات و ملالي منغلقين عكسوا ارادة الثورة في ١٩٧٩م في حرية سياسية و أسست سلطة قائمة لا علي الدم الملكي و سلطة الهية مفوضة انما علي تفويض رباني منتزع عنوة و اقتدار! ). و ضيق المحافظين بالتيار الاصلاحي داخل النظام يحرم النظام من نافذة كانت تخفف الضغط علي النظام و تمنع الانفجار، و اقصاء الاصلاحيين سيصيب الفئات الشعبية بفقدان الأمل في تغيير تدريجي من داخل النظام (منحة) و يقنعها بحلول التيارات الاكثر راديكالية المطالبة بانهاء حكم الحوزات الدينية و فتح الطريق امام كل التيارات السياسية الايرانية لتتنافس علي تقديم تصوراتها لايران ما بعد العمامات.
لقد وصل رئيسي للمنصب في وقت لم يحول بين النظام و اعلان افلاسه داخلياً (سياسيا و اجتماعيا و روحيا حتي) الا ازمة النظام "ازمة ايران بقدر لا بأس به" مع المجتمع الدولي.. ازمة الملف النووي التي سبق و جرت تسويتها في عهد الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما و لكن عاد و نقضها الرئيس ترامب؛ و قد كان نقضها هذا يصب بصورة أساسية في مصلحة المحافظين الايرانيين (اكثر حتي من مصلحة اليمين الاميركي و المحافظين الاسرائيليين برئاسة اليميني بنيامين نتنياهو)، اضافة للوجود الغربي في جوار ايران (افغانستان و العراق).
اذا نجحت جهود الرئيس الحالي جوزيف بايدن و تمت العودة او التوصل لاتفاق جديد ينهي ازمة الملف النووي الايراني، و بالتوازي مع الخروج من افغانستان و العراق فان وقت ليس طويلا سيكتشف النظام الايراني بمحافظيه و اصلاحييه ضعفه و فشله و أن ليس بالأريحية التي تجعله عامل توتير في الاقليم فالتوتر كامن فيه ومع ان المعارضة السياسية في ايران ضعيفة الا انها تحتكم علي قاعدة قابلة للاستثارة ان توفرت الظروف المناسبة، كما ان بايران اقليات عرقية و دينية لديها ظلامات قابلة للتفجر، هذا سيضع النظام في عين غضب الشعب الايراني و ثورته التي ستنهي عصر (الثورة الاسلامية).
تعليقات
إرسال تعليق