التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تكتيكات الكيزان للتصدي لوصمة "اللصوصية"

   منذ السنوات الباكرة اطلق السودانيين علي التنظيم الاسلاموي "الكيزان" وصمة الحرامية و اللصوصية "حرامي العيش" كان ذلك حتي قبل ان يستولوا علي السلطة ايام بدايات تأسيسهم للبنوك الاسلاموية و الشركات التي احتالوا بها علي اموال و تجارة الناس!

و بعد استيلاءهم علي السلطة لازمتهم تلك الوصمة و اطلقت عليهم صفة "الحرامية" علي نطاق واسع شعبياً..

و للتخلص من تلك الوصمة و بدلاً من تبني استراتيجيات ضبط الانفاق العام و احياء قوانين و لوائح التصرف في المال العام التي الغوها او اهملوها، و ضبط معايير التصرف و الالتحاق بالوظائف العامة، و بدلاً عن التركيز علي قيم النزاهة الاخلاقية و الدينية التي زعموا زوراً انهم يتمثلوها؛ بدلاً عن كل ذلك سعي "الكيزان" لاستهداف قطاعات واسعة بادخالها في دوائر المنتفعين من السلطة و المال العام و استهدفوا تحديداً الشرائح الاجتماعية الضعيفة و المعدمة و حولوا الكثيرين بين يوم و ليلة من فقراء فقر مدقع الي اثرياء ثراء فاحش! و ذلك بهدف التطبيع لسرقة المال العام بأن تصبح ثقافة مجتمع! فبدأنا نسمع بدلاً عن مفردات فساد، و نهب، و سرقة.. مفردات و عبارات "فلان استفاد"!!!

كانت عطاءات الاثراء توزع علي المحاسيب من ضعاف العقول و الهمم و الذين بدورهم يستعينون بالاضف فالاضعف، و كانت وظائف الدولة من قمتها الي ادناها توزع بالحصص "كوتات" علي "زعماء" محليين قبليين او شيوخ جماعات دينية..

و كل قائد قبلي "ناظر او عمدة" او ديني "شيخ سجادة" رفض التعامل مع المؤتمر الوطني خلقوا ضده زعيم موازي ينافسه و تدعمه الدولة بالمال و السلطان و الوظائف ليحشد حوله اتباع و موالين من الذين يبحثون عن المنفعة..

كانت وظائف ضباط الامن و الجيش و الشرطة و مناصب السلطة القضائية و العدلية و الدبلوماسية و سائر وظائف الخدمة المدنية توزع بالحصص علي الزعماء الاقليميين، و كانت وفود الاقاليم تتقاطر علي مقر مساعد رئيس الحزب الحاكم "نافع علي" لتأدية فريضة البيعة و الولاء و تحصل بالمقابل علي حصة من المال العام و كوتة من الوظائف..

كان التكتيك ان يصبح الفساد ثقافة عامة و ان لا يتصالح الناس معه فقط انما يشاركوا فيه و لو بجهد المقل!

وصلت "الوقاحة" بالكيزان مبلغ ان اصبحت الدعاية "الشفاهية" الرئيسية لحملتهم في انتخابات ٢٠١٠م (انتخابات نيفاشا أم المعايبر الدولية) هي ان (الكيزان سرقوا و شبعوا و اغتنوا فيا ايها الشعب لا تنتخبوا فقير و جائع يسرقكم من جديد بل ابقوا علي اللصوص القدامي) و قد كانت تلك الدعاية فعالة جداً!! مع انه لا لص يكتفي من المال المستباح!

و بعد سقوط نظامهم في ابريل-يونيو ٢٠١٩م بوصمة اللصوصية و السرقة التي تدمغه لم يسعي الكيزان لنفي تلك الوصمة انما سعوا في تلفيق الشائعات حول فساد السلطة الانتقالية و المكون المدني تحديداً، فالمكون العسكري يعتبرونه حليف، فلفقوا احداث بعضها حقيقي و معظمها ملفق حتي يتساوي الجميع في وصمة اللصوصية تلك فلا تكون النزاهة ميزة لأحد!

ان الكيزان يحبون ان تشيع فاحشة السرقة و اللصوصية و الفساد في المجتمع حتي يقدموا انفسهم بشكل طبيعي مرة اخري؛ فحذاري ان ينجحوا في مسعاهم كما نجحت دعاية حملتهم لانتخابات ٢٠١٠م.

مارس ٢٠٢٠م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...