نصف العام تقريباً انقضي بعد تعيين الولاة المدنيين (الحزبيين) لولايات السودان "عدا ولاية كسلا"، بعد تأخير بمبررات واهية و تسبب ذلك التأخير في تعقيدات الوضع المعيشي و تفاقم الازمات..
نصف العام انقضي و هذا وقت اكثر من كافي لتقييم اداء الولاة المعينين من قبل الحكومة الانتقالية و حاضنتها و تقييم اداء الولايات و المحليات..
من الافضل ان يأتي التقييم من قبل الحكومة و بمعرفتها أو ان تقوم به الحاضنة "قوي إعلان الحرية و التغيير" لأنهم الاكثر اطلاعاً علي المجريات لكن بشرط توخي الموضوعية في التقييم و الشفافية و تجنب المحاباة و الانحيازات الحزبية أو غيرها..
ننتظر تقييم الحكومة أو حاضنتها لكن بالنسبة الينا ما من اختلاف ظاهر و لا تغيير ملموس حتي الأن، سبب ذلك ان الطريقة التي تم بها تعيين الولاة كانت معيبة تماماً، اذ كانت محاصصة حزبية و تكتلات فئوية.. تم التركيز علي تفخيم السير الذاتية للولاة المعينين مع ان نفع المرء لنفسه لا يعني انه بالطردية الأنفع للعامة! لم يقدم أي من الولاة خطة أو برنامج عمل للفترة الانتقالية بالولاية أو حتي برنامج المائة يوم!
الوضع المعاش بالخرطوم و الأخبار المتواترة من الولايات لا تنبئ ولا تبشر بخير و لا تغيير..
إذا اتفق تقييم الحكومة و حاضنتها مع تقييمنا و تقييم المراقبين، فسيكون المطلوب هو أحداث تغييرات في المنهجية حتي نضمن تغيير في النتائج علي ارض الواقع، لقد سئمنا من اسلوب القيام بنفس الفعل في كل مرة و مع ذلك توقع نتيجة مختلفة.
الخرطوم، ولاية و عاصمة، عليها ان تواكب التغير الحادث في الوطن و تقود ذلك التغيير كلما امكن، و ما يتوفر لديها من امكانات مادية و بشرية يؤهلها لتلك القيادة..
هذه القيادة ستتحقق ان وضعت اجهزة ولاية الخرطوم رؤيتها و استراتيجيتها لقيادة و مواكبة هذا التغيير حتي يتم تكريسه و المساعدة علي وصوله لكل ارجاء و دهاليز الولاية فهذا يمثل ضمانه علي وصوله لكل انحاء البلاد كذلك..
حس الانتماء للخرطوم !
الخرطوم تضررت من فشل السودانيين في الحكم و الادارة.. و دفعت ثمن عادل مثلها مثل كثير من مدن السودان و ربما اكثر من بعضها.. اكبر دليل علي ذلك ان مظهرها كعاصمة و كمدينة الأن لا يشرف السودانيين و لا اهل الخرطوم!
يجب تغيير صورة الخرطوم في الاذهان.. فهي ليست منطقة للصراع و تضارب المصالح، انما كما اثبتت الثورة هي منطقة ادارة السودانيين لمصالحهم و تعاونهم علي تحقيق اهدافهم و مطالبهم العادلة و المشروعة.
علي الخرطوم ان تعيد اكتشاف و تقديم نفسها وطنياً و دولياً، جزء من ذلك ان تعيد تعريف هوية قاطنيها و تحديد اطار الانتماء لها (كل من يقيم فيها لستة أشهر متصلة هو خرطومي و كل من يملك فيها عقار هو خرطومي و كل مولود فيها هو خرطومي)
الاولويات التي علي والي الخرطوم (و كل والي) أن يضعها أمامه و ينظر فيها بصورة يومية و تشمل الأمور الاستراتيجية يجب ان تتضمن:
- تحسين المستوي المعيشي و الخدمات و علي رأسها؛
*الخبز ، و بالمشاركة مع وزارة التجارية و اشراك وزارات و محليات الولاية لوضع حلول نهائية لأزمة الخبز و المخابز..
* المواصلات، وضع حل استراتيجي ناجع للمواصلات ينهي حالة الفوضي و ينظم هذا القطاع بصورة نهائية
* الوقود، وضع استراتيجية لعلاج ازمات الوقود (بنزين، جاز، غاز طهي) عبر انشاء مستودعات خاصة بالولاية لتوفير مخزون استراتيجي.
- تحسين خدمات الصحة، بالأخص في مرحلة وباء الكورونا هذه حتي نضمن بقاء الخرطوم (و السودان) في منطقة حزم الامان من الجائحة..
- التعامل مع الامطار و الفيضانات و الصرف الصحي، و لذا يجب ان تكون هيئة الصرف و المجاري هي من أهم اجهزة الولاية، و يتم وضع استراتيجية لتأهيل الخرطوم من هذه الناحية بصورة متكاملة و بحيث تتوفر بنية قادرة علي اداء دورها مستقبلا مع قليل من التحديث و الاضافات عند الضرورة..
- تفعيل مفوضية العون الإنساني الولائية و الهلال الاحمر ولاية الخرطوم.
- إعادة تأهيل القطاع المحاسبي و المالي و اجهزة التحصيل، و انهاء اساليب الجبايات و الملاحقات اللانسانية .. و تنظيم قطاع الاعمال و انهاء العشوائية في الاقتصاد سيساعد الولايات و المحليات علي رفع ايراداتها من الضرائب و العوائد و الرسوم و "الزكاة" دون الحاجة الي ملاحقة اصحاب الاعمال في اماكنهم.
- الامن و صون الحقوق
- تنظيم المرور، و تفعل قانون و لوائح المرور لعلاج حالات الاختناق المروري و الزحام الحاصل في الوقت الراهن.
- تنظيم الاسواق، بتشكيل أو تفعيل لجان الاسواق الادارية و لجان التجار، لتنظيم الاسواق و تخصيص اماكن لمواقف السيارات الخاصة فيها .. و وضع معالجات
لباعة الرصيف و الباعة المتجولين .. مع التأكيد علي انه لن تكون هناك كشات و "لن يتعرض مواطن سوداني لكشة داخل وطنه بعد الثورة" لكن مطلوب من الباعة الجائلون الا يتسببوا في عرقلة السير و تسبيب زحام،
و علي حكومة الولاية و محلياتها ان تفتتح اسواق جديدة لصغار التجار و العارضين في مختلف ارجاء الولاية.
-تنظيم المناطق الصناعية، و الورش الصغيرة و (مناطق صيانة السيارات)، بأن تقوم الولاية بانشاء مجمعات ورش جديدة تستوعب الحرفيين و الصناعيين الصغار، لمنع حالة ممارسة المهن بالشارع العام..
- تنظيم قطاع الاعلانات.. و انهاء حالة الشغب الاعلاني و اللافتات التي تمثل خطر علي ارواح الناس و يتسبب سقوطها في موسم الامطار و الرياح في عرقلة السير، و انهاء حالة لافتات الاعلانات المجانية علي واجهات المحلات بفرض مقاس محدد علي لافتة اي محل يمارس نشاط برخصة، تجاوز ذلك المقاس يحول اللافتة الي اعلان تجاري يتطلب رسوم مختلفة و ترخيص مختلف، و قطاع الاعلانات من القطاعات الواعدة التي يمكن ان تدر دخل هائل لخزينة الولاية ان هي احسنت ادارته.
خطة أو استراتيجية مواكبة التغيير تتطلب وضع هيكل جديد لجهاز ادارة الولاية (و كل الولايات) فالهيكل السياسي/الوزاري- و المعتمدين و الاداري الذي ساد في المرحلة السابقة هو هيكل ترضيات سياسية و غايته خدمة السلطة لا خدمة المواطن
هيكل حكم و ادارة الولاية الذي نقترحه يقسم العمل بين بين خمسة دوائر/ مفوضيات رئيسية
- مفوضية/مديرية/ دائرة/ الشؤون العدلية و الشرطة و الحكم المحلي
- مفوضية المالية والتنمية و التخطيط الاقتصادي
- مفوضية التعليم
- مفوضية الصحة و الرعاية الإجتماعية
- مفوضية البنية التحتية و الاسكان و الاراضي
و بالاضافة للجهاز القضائي المستقل "الولائي" نقترح استحداث منصب و جهاز (نائب عام) مستقل للولاية (و كل ولاية) فكما هو معلوم تم فصل النائب العام عن وزارة العدل قبل سنوات قليلة لكن لم يواكب ذلك الفصل المركزي/ الاتحادي فصل علي مستوي الحكم اللامركزي (الولائي) مثلما ان منصب العدل في الولايات لم تكن له أهمية و لا ضرورة من الاساس في العهد السابق لكونه ما كان عهد عدل و لا حكم قانون.
علي كل ولاية ان تعمل علي تأسيس بنك بالتعاون مع المجتمع المحلي (القطاع الخاص بالولاية) و ابناء الولاية بالخارج "المهاجر و المغتربات" ليسهم (البنك الولائي) في قيادة التنمية كما عليها ان تشجع و تشارك في تأسيس شركات مساهمة عامة لتعمل في كل المجالات التنموية و الخدمية.
ديسمبر ٢٠٢٠م
تعليقات
إرسال تعليق