التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ الجيوش .. و تاريخ استثماراتها!!

١٦ مايو ٢٠٢٠م

  بتحول المجتمعات البشرية من عصر الاقطاع الي عصر الربح "الرأسمالية" و التجارة الدولية.. احتاجت تلك المجتمعات اكثر الي السلطة و الي الجيوش لحماية خطوط تجارتها "البحرية" خصوصاً و البرية..

تشكلت الجيوش "الدائمة-المحترفة" بدل الجيوش الطوعية التي تتألف عند الحاجة لهجوم أو دفاع بأسلوب النفير و الفزع.. الجيوش الدائمة اضحي لها طابعها المهني و المستقل و "السيادي" فنسي البعض شروط نشأتها "حماية التجارة"!

اليوم في سودان الكيزان و حثالتهم الباقية يعتبرون الجيش هو الاصل و التجارة -الدولية للحكومة نشاط ثانوي يعمل في خدمة الجيش "منظومة الصناعات و زادنا و شركات الجنيد ..الخ"!

أي معكوس تطور نظرية الدولة الحديثة!

بلا شك هذا المعكوس لن يعمل، منظومات التجارة هذه ستخسر و تعتاش علي موارد الجيش و الدولة حتي تقضي عليها فينهار كامل النظام.

فارباح تلك الشركات لا تكفي لتمويل الجيش انما تكفي لاغناء لوردات الحرب و المقربين منهم من "الاوليغارشية العسكرية"..

البعض يحبذ الاشارة لمؤسسات الجيش المصري الاقتصادية للتدليل علي "ألمعية" فكرة البزنس العسكري، هؤلاء نحيلهم الي التوجه المصري الجديد و القاضي بخصخصة مؤسسات الجيش!!

هذا التوجه قد لا يظهر للعيان حالياً لكن دون شك سيتجلي خلال أشهر الي سنوات قليلة، فهو جزء من مطلوبات الصندوق و البنك الدولي حتي يزيد من جرعات دعم الاقتصاد المصري "المتعثر" .. فبعد عقود من خصخصة الكثير من مؤسسات القطاع العام "الحكومي المدني" جاء الدور اخيراً لخصخصة مؤسسات الجيش المصري "الحكومي و الحاكم"..

ما يبدو للعيان علي انه نجاحات و ربحية للمؤسسات الاقتصادية العسكرية في مصر هو ما تعمل عليه مؤسسات الدعاية المصرية الضخمة، لكن لأن مصر دولة بلا برلمان حقيقي و لا صحافة حرة و بلا مؤسسات مجتمع فاعلة فان الاخفاقات تبقي تحت الجلد حتي تنفجر يوماً ما، او تنفجر علي تباعد و تنجح الدولة في تجميلها و ترميمها و اخفاء الفشل و العجز بمهارة التزييف المصرية "التمثيلية و السينمائية المعتادة و المعروفة..

جيش مصر يعتمد بالأساس علي "التمويل الاميركي" منذ كامب ديفيد ١٩٧٩م، و "بزنس الجيش" فيها هو وسيلة الهاء للضباط و المواطنين علي حد السواء..

و مصر تعتمد علي تمويل الصناديق، و مؤخرا لا الصناديق و لا اميركا ستواصل في دعم "جيش مصر" بلا مقابل، جيش مصر كان حارس التطبيع و اليوم التطبيع اصبح ثقافة لا تحتاج لحارس..

لذا سيتم الزام الحكومة المصرية بشروط الصناديق و شروط الكونغرس اذا كانت تريد تدفق مزيد من الديون و المنح..

اما اذا قررت مصر الاكتفاء "بالرز" الخليجي فذلك شأنها!

لكن كمثال خذو أقوي مؤسسة عسكرية في العالم اليوم؛ الجيش الاميركي، هذا الجيش لا يصنع أي شئ بل يشتري من الرصاصة و حتي ال F35 و ال B 2 من القطاع الخاص "و علي رأسه شركة لوكهيد مارتن"، صحيح انه يستثمر في تطوير احتياجاته و في الاختراع و الابتكار لكن هذه البند يتوقف عند البحث العلمي فقط اما التصنيع و ما يتطلبه فليس من صلاحياته اطلاقاً.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...