التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عدالة الانقاذ !!

رغم ان القانون 'او بالاحري الشريعة الدينية الاسلامية' يمثل لب مشروع الحركة الاسلامية والتي اعتمدت عليه حكومات انقلاب البشير-الاسلاميين بشكل كامل في التعبئة السياسية و الوصول للسلطة الا ان وزارة العدل لم تكن يوما ذات اولوية او اهمية، فمنذ يونيو 1989م وعدا عن اول نائب عام ( د. عبدالله ادريس) لم يجلس علي كرسي الوزارة شخص ذو وزن سياسي وثقل فكري او فقهي، وظلت الوزارة تراوح بين الشيوعي السابق والمايوي 'الذي برهن علي انه علي استعداد لخدمة الشمولية علي اختلاف توجهاتها' عبد الباسط سبدرات و علي محمد عثمان يس الذي لا يعرف عنه اي توجه او رأي و محمد علي المرضي حزب امة سابق و محمد بشاره دوسة الي عوض الحسن النور 'مع العلم ان بعض من اهم مؤسسي وقيادات الحركة الاسلامية هم من ذوي الخلفية المهنية القانونية كحسن الترابي و علي عثمان محمد طه و يوسف محمد يوسف و دفع الله الحاج ..الخ'،
  الا ان امانة العدل لم تسند لأي منهم ومعلوم ان الترابي شغل المنصب اواخر عهد النميري الذي شهد الانقلاب القانوني الذي تم بموجبه تغيير قوانين الدولة وتبني القوانين الاسلامية وان كان يزعم علي نطاق واسع ان ذلك الانقلاب تم علي يد مستشاري النميري 'النيل ابوقرون و عوض الجيد محمد و بدرية سليمان' من خارج التيار الحركي الاسلامي ؟؟!! حتي آلت الي الوزير المسمي وغير المعين الدكتور المشكوك في الدرجة العلمية التي ادعاها ابوبكر حمد والذي اثارت تسميته لغطا وغبارا لم ينجلي بعد!! والذي ايضا لا يعرف له تاريخ سياسي ولا مهني.. وحتي المرشحين للحلول محل الوزير المعين 'د. عباس طه و د. محمد احمد سالم' الاول اكاديمي و كلونيل متقاعد بلا تاريخ سياسي والثاني تكنوقراط عمل مستشارا لكل البرلمانات الشمولية والديمقراطية ويعمل حاليا مستشار لمجلس الأمة الكويتي'!!
اذا كانت الشريعة الاسلامية والدستور الاسلامي هي الشعارات التي اوصلت الاسلاميين الي الحكم و سيدتهم علي المشهد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي فلماذا يتجاهلون وزارة القانون فيسندونها لأناس من خارج الصف الاسلامي او بلا خبرة فقهية!!
السبب هو ان كبار شيوخ الحركة الاسلامية يعرفون ان تحكيم شرع الله والدستور الاسلامي 'القرآن دستور الأمة' هي مجرد شعارات وان الانسياق خلفها سيوردهم مهاوي اخطر مما هم واردوه فعلا..
لذا كان الحل الاكثل هو اسناد العدل والوظائف القضائية العليا 'رئاسة القضاء والمحكمة الدستورية.. الخ' ﻷشخاص بلا هوية قانونية مهنية وبلا رأي فكري وبلا خلفية سياسية، اشخاص لهم طباع النادل وهو الاستعداد الدائم لتلبية الطلبات والأوامر طلما كانت مدفوعة الثمن 'بقشيشا'، والبقشيش هنا هو اسناد تلك الوظائف عالية الحساسية لاشخاص عديمي تجربة او مبدأ !!
كما وحيث الانقاذ اتت للحكم بالقوة ولم تأتي نتيجة استفتاء داعمي الدولة الدينية/الاسلامية و مؤيدي القوانين الاسلامية وانما بقوة السلاح فهي لا تعير اهتماما لقوة الشرعية ورأي القانون انما شرعية القوة ..
  الانقاذ ما كانت يوما ولا ستكون دولة قانون انما كانت دولة امنية بوليسية و هاهي تنتهي الأن الي دولة مليشيات وعصابات، ولا حاجة لها لعدل و لا وزارته!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...