التخطي إلى المحتوى الرئيسي

النزاعات العربية العربية والعربية الايرانية..حكومات تتأمر علي شعوبها



   ينشغل اعلام العرب ويشغل الناس معه بنشر اخبار النزاعات العربية و الاقليمية، الرسمي منها ويفتعل ويغذي الشعبوي ايضا.. يتحدث عن قطيعة مصرية سعودية، و يروج لحرب باردة قطرية مصرية و خلافات سودانية مصرية بل ويذهب ابعد من ذلك احيانا ليحدثنا عن خلافات البيت الخليجي 'السعودية والامارات من جهة وقطر من الجهة المقابلة' فيما اصبح النزاع المغربي الجزائري من المسلمات! اما التوترات الخليجية الايرانية فيقدمها علي انها من ثوابت السياسة في المنطقة!
لا يهتم اعلام العرب في خدمة التحليل و التعليق التي يقدمها الا بإعلاء اصوات المع والضد في تلك المنازعات ولا يفكر اطلاقا في تقديم خدمة تحليلية تغوص في عمق تلك الظواهر لتوضح للمشاهد والمتلقي اسباب تلك الخلافات 'ان وجدت' و المصالح التي تعبر وتنطلق منها كل جهة.. انما يقف عند ظاهر القول ومزاعم الجهة التي تموله ' القنوات والصحف العربية المهمة كلها ممولة خليجيا' فتجده يركن تارة للاختلاف المذهبي 'السني-شيعي' وتمظهراته 'الموقف من حروب سوريا واليمن' والصراع السياسي وغير السياسي في العراق. ويميل في اخري للحديث عن انتاج النفط والغاز وانابيبهما كأساس لكل صراع في المنطقة!
يمكن تقديم الف دليل علي ان ما يروج له الاعلام العربي كاسباب وبواعث النزاع ليست حقيقية بل هي محض تدليس، فلو قبلنا بان المذهب هو اساس؛ لماذا كانت علاقات العرب بايران الشاه 'ما قبل 79' علي ما يرام؟ ايام كنا جميعا اعضاء في حلف بغداد، المراد منه ان يكون خط دفاع في وجه تمدد الشيوعية جنوبا!؟ ولماذا كانت علاقات الخليج بسوريا الاسد الاب و الابن من بعد وحتي عام الربيع العربي '2011' اكثر من طبيعية؟!
ان سبب التوتر بين الدول العربية 'اغلبيتها بطبيعة الحال' من جهة وايران من الجهة المقابلة ليس مذهبيا وانما كان مرده الاول هو الخوف من اسلام ايران الثوري والسياسي، والذي قد يتمدد ليسقط شاهات الخليج اسوة بشاه ايران، رضي عراق صدام ان يلعب دور رئيسي في كبح اسلام الثورة الايراني (السياسي) ليس خدمة للخليج العربي وحده بل ولأميركا نفسها والتي انفقت انفاق من لا يخشي الشعوب علي نظام الشاه ففاجأها حكم الملالي، وسعت لتدمير ترسانة الجيش الايراني 'اميركية الصنع' بايدي العراقيين وتمويل الخليجيين مستغلة مخاوف الجميع واوهامهم!

 اما وقد تحول مرشدو ثورة ايران الي شاهات جديدة تحتكر الحكم فثمة توافق وتشابه حدث بينها وبين انظمة العرب لكنها ايضا مثلهم تحتاج لنزاعات وحروب حتي تبقي الجمهور الايراني تحت السيطرة ' لا تريد للثورة الخضراء التي قمعتها سنة 2009م ان تحدث مجددا'.
ان الصراع المذهبي اريد له ان يملأ فراغ مرحلة ما بعد الصراع العربي الاسرائيلي ذاك الصراع الذي استغل اسوء استغلال في قمع الشعوب العربية و تأجيل مطالبها في الحريات العامة والمشاركة السياسية.
اما الخلافات المصرية الخليجية فليس معنيا بها حكومة مصر انما شعبها فالسعودية التي قادت الخليج لدفع ما يربو علي الخمسة عشر مليار دولار اميركي لحاكم مصر السيسي لا تعاديه وانما تفتعل الخلافات لتساعده علي ابقاء شعبها تحت السيطرة وان يتخلي عن مطالبه التي نادي بها في ثورة يناير 2011م والمتمثلة الحرية والعدل الاجتماعي..
ان المصلحة التي يدافع الخليج عنها من منظور حكامه هي الاستقرار السياسي بمعني استقرار الحكومات و الابقاء عليها لاطول اﻵماد و عدم حدوث تغييرات روتينية راتبة 'تداول سلمي ديمقراطي و مشاركة عامة في شؤون الحكم'. ان الخليج يعتبر ان الحكم في المنطقة يجب ان يكون مشابها للنسق الخليجي اي شأن تختص به بعض الأسر 'الأسر الحاكمة' وليس شأنا مبذولا لعامة الناس الحكومات العربية لا تتنازع فيما بينها حقيقة انما ظاهريا وعلي شاشات القنوات وصفحات الصحف و شبكات التواصل الاجتماعي وغرضها من كل ذلك هو تقسيم الشعوب وحرمانها من التفكير في قضاياها الحقيقية 'الحرية والنماء' لتنشغل بعداءات لا ناقة لها فيها ولا جمل ..
بل ومنعها من التفكير فيما يقربها من مشاريع مشتركة 'ولا نقول وحدة فقد اضحت بعيدة المنال' .
فليس ثمة خلاف حقيقي بين الاسرة الحاكمة القطرية و حكومة السيسي و لا بين الاخيرة و ال سعود، ولا بين نظام البشير و نظام السيسي، ولا بين الحكومات الخليجية وايات الله الايرانية ولا الخليجيين و نظام الاسد 'صحيح ان تراكم المواقف خلق حزازات بين العواصم لكن يمكن ان تزول متي ما زالت المؤثرات' بل هي ادوار تصب كلها في خانة واحدة .. وهي خانة اعطاء الانظمة مبرر وشرعية استمرار.. وتعطيل وتجميد حراك الشعوب وتطلعها لحياة سياسية صحية و معافاة بلا دكتاتوريات ولا استبداد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...