يعيش السودانيون اليوم حالة متأخرة من ظاهرة 'حمي الذهب'، ونقول متأخرة لأن تلك الظاهرة استشرت في عديد من المجتمعات في القرون الماضية 'خصوصا القرنين الثامن عشر والتاسع عشر' ابان عصر ماقبل العمل والانتاج المنظم 'العشوائي'.
حمي الذهب تلك الظاهرة ملازمة لأزمات النظام الرأسمالي فكلما حدثت هزة اقتصادية وتآكلت المدخرات و استشرت البطالة وانعدم الامل في مخرج قريب وآمن يلجأ الناس الي الذهب كبديل آمن اما من لا يملكون الذهب فانهم لا يستسلمون فثقافة النظام الرأسمالي التي تمجد الثراء تمنح الأمل لمن يملكون اما من لايملكون فتمنحهم الوهم.
استشرت هذه الموجة من حمي الذهب مع بداية العقد الاول من الالفية الثانية وتحديدا مع تضاءل الامال في ثراء النفط وتعاظمت مع خروج السودان من مجال انتاج النفط بعد انفصال جنوب السودان..
تاريخيا كان انتاج الذهب في السودان حاضرا منذ عصر ممالك السودان القديمة 'كرمة وكوش' اذ كانت 'ارض الذهب' من بين اسماء عديدة اطلقها مؤرخين ورحالة علي الاراضي السودانية، و مع الغزو التركي 'حملة محمد علي باشا الكبير' عام 1821م كانت امال تنقيب الذهب من بين الحوافز التي دفعت 'الباشا' لضم تلك الاراضي الشاسعة والمجهولة و ذات الطبيعة القاسية، ويخبرنا التاريخ بان تلك الامال قد خابت ولم تجني الدولة المصرية التركية شئ يذكر من فتح السودان.
لحمي الذهب وظيفة مهمة تؤديها في حقب الكساد والركود، لا يعني ذلك انها نشاط وهمي صرف اذ ان هناك عمليات تعدين وانتاج تتم في الواقع و هناك من يصيبون ثراءا معقولا من تلك الموجة لكنها بطبيعة الحال ليست بحجم الطموحات والاغراءات التي يروج لها والشائعات التي تحيط بالعملية؛
فحمي الذهب تثير موجة من حركة العمل ورأس المال ويتخلق حولها سوق ضخمة للسلع والخدمات مابين سلع غذائية و معدات التعدين نفسها وخدمات النقل والاتصالات و
التحويلات النقدية ..الخ وفي الغالب تكون الارباح التي تجني من تلك السوق
اكبر حتي من النشاط الرئيسي 'تعدين الذهب'!! ما يعني ان ما يتم استثماره في تعدين الذهب عشوائيا او تعدين متطور لو تم توجيهه للاستثمار في الزراعة والانتاج الحيواني او الصناعة لكان العائد اكبر واعلي فائدة من ناحية الاستدامة والشمول.
هناك عوامل اخري تشترك في تأجيج الظاهرة 'حمى الذهب' اذ لايخلو الأمر من عمليات مشبوهة 'غسيل اموال' صحيح انه ما من دليل ظاهر علي تلك العمليات الا ان مثل تلك الانشطة الاجرامية بطبيعتها تنشط في الخفاء كما ان السودان في ظل البيئة القانونية والسياسية الحالية يمثل حاضنة ممتازة لهذه العمليات، وما اثير مؤخرا عن استجلاب اموال ليبية من دولة بغرب افريقيا وتورطت فيها شخصيات نافذة جدا و وصلت حيثياتها للقضاء تعطي مؤشر قوي عن احتمالية رواج تلك الانشطة.
هذا علاوة علي ان الارباح التي تتحقق من السوق الموازية 'سوق الخدمات' يجعل الامر وكأنه لعبة قمار ضخمة فيها خاسرون عديدون و رابحون اقلية وليس ثمة انتاج انما تدوير لأموال محدودة.
لكن العامل الابرز في تضخيم هذه الحالة 'حمي الذهب' هي سلطة الدولة نفسها، فمع خروج النفط و انعدام وسائل الانتاج الزراعي والصناعي والرعوي بسبب سياسات اقتصادية خاطئة ومن ثم تنامي البطالة وما يصاحبها من مظاهر سالبة ادناها الجريمة واقصاها 'وهذا غير مرغوب فيه اطلاقا بالنسبة للسلطة الحاكمة' انتشار الاضطرابات السياسية و التمردات. فيكون لحمي الذهب فضل الهاء قطاع واسع وراء وهم الثراء السريع عوضا عن انتظار حلول من الحكومة.
للأسف ليس ثمة احصاءات يمكن الركون اليها بخصوص تعدين الذهب في القطاع العشوائي ولا حتي القطاع المنظم 'الشركات الكبري والعالمية؛ ومعروف ان شركة ارياب وهي شركة فرنسية "اريفا ثم حلت بعدها شركة لامانشا؛ فرنسية ايضا" نشطت في مربعات بتلال البحر الاحمر (مربع 11و 18) ومجمل مساحته 45 كيلومتر مربع، ومربعات اخري بشمال السودان'؛ اللهم الا ارقام متضاربة يتم الترويج بها لانتاج الذهب في الاعلام، تفيد تلك الارقام بان الشركة الفرنسية التي استغلت مجهودات هيئة الجيلوجيا الفرنسية في المنطقة قد انتجت من 1992-2014 ما مقداره 84 طن، وتمثل قصة الشركة الروسية 'سيرين' افضل نموذج علي ذلك حينما استغلتها وزارة المعادن للتسويق لرخص انتاجها وامتيازاتها بالحديث عن احتياطات ضخمة قام بتكذيبها مختصون بينهم استشاري عمل بالوزارة ذاتها.
من بين الارقام الرسمية ارقام يتم ايرادها عن شراء البنك المركزي لذهب من سوق التعدين العشوائي، اضافة لارقام يتم ايرادها بميزانية الدولة تتحدث اخرها عن قيمة 30 طن الي 35 طن سنوياَ، هذا ما تبيعه الحكومة فيما تتحدث احصاءات ان جملة انتاج الشركات والمعدنيين الاهليين "عشوائيا" يصل الي 70 طن في العام، و بافتراض صحة تلك الارقام، ارقام صادر الدولة علي الاقل فنكون إزاء ايرادات تقترب من الـ 20 مليار دولاروهذا ما يكذبه واقع الحال اليوم.
هناك عوامل اخري تشترك في تأجيج الظاهرة 'حمى الذهب' اذ لايخلو الأمر من عمليات مشبوهة 'غسيل اموال' صحيح انه ما من دليل ظاهر علي تلك العمليات الا ان مثل تلك الانشطة الاجرامية بطبيعتها تنشط في الخفاء كما ان السودان في ظل البيئة القانونية والسياسية الحالية يمثل حاضنة ممتازة لهذه العمليات، وما اثير مؤخرا عن استجلاب اموال ليبية من دولة بغرب افريقيا وتورطت فيها شخصيات نافذة جدا و وصلت حيثياتها للقضاء تعطي مؤشر قوي عن احتمالية رواج تلك الانشطة.
هذا علاوة علي ان الارباح التي تتحقق من السوق الموازية 'سوق الخدمات' يجعل الامر وكأنه لعبة قمار ضخمة فيها خاسرون عديدون و رابحون اقلية وليس ثمة انتاج انما تدوير لأموال محدودة.
لكن العامل الابرز في تضخيم هذه الحالة 'حمي الذهب' هي سلطة الدولة نفسها، فمع خروج النفط و انعدام وسائل الانتاج الزراعي والصناعي والرعوي بسبب سياسات اقتصادية خاطئة ومن ثم تنامي البطالة وما يصاحبها من مظاهر سالبة ادناها الجريمة واقصاها 'وهذا غير مرغوب فيه اطلاقا بالنسبة للسلطة الحاكمة' انتشار الاضطرابات السياسية و التمردات. فيكون لحمي الذهب فضل الهاء قطاع واسع وراء وهم الثراء السريع عوضا عن انتظار حلول من الحكومة.
للأسف ليس ثمة احصاءات يمكن الركون اليها بخصوص تعدين الذهب في القطاع العشوائي ولا حتي القطاع المنظم 'الشركات الكبري والعالمية؛ ومعروف ان شركة ارياب وهي شركة فرنسية "اريفا ثم حلت بعدها شركة لامانشا؛ فرنسية ايضا" نشطت في مربعات بتلال البحر الاحمر (مربع 11و 18) ومجمل مساحته 45 كيلومتر مربع، ومربعات اخري بشمال السودان'؛ اللهم الا ارقام متضاربة يتم الترويج بها لانتاج الذهب في الاعلام، تفيد تلك الارقام بان الشركة الفرنسية التي استغلت مجهودات هيئة الجيلوجيا الفرنسية في المنطقة قد انتجت من 1992-2014 ما مقداره 84 طن، وتمثل قصة الشركة الروسية 'سيرين' افضل نموذج علي ذلك حينما استغلتها وزارة المعادن للتسويق لرخص انتاجها وامتيازاتها بالحديث عن احتياطات ضخمة قام بتكذيبها مختصون بينهم استشاري عمل بالوزارة ذاتها.
من بين الارقام الرسمية ارقام يتم ايرادها عن شراء البنك المركزي لذهب من سوق التعدين العشوائي، اضافة لارقام يتم ايرادها بميزانية الدولة تتحدث اخرها عن قيمة 30 طن الي 35 طن سنوياَ، هذا ما تبيعه الحكومة فيما تتحدث احصاءات ان جملة انتاج الشركات والمعدنيين الاهليين "عشوائيا" يصل الي 70 طن في العام، و بافتراض صحة تلك الارقام، ارقام صادر الدولة علي الاقل فنكون إزاء ايرادات تقترب من الـ 20 مليار دولاروهذا ما يكذبه واقع الحال اليوم.
تعليقات
إرسال تعليق