ثمة خطأ نقع فيه ويقع فيه الكثيرون عند الحديث عن حكم العسكري في السودان (1957-1964/ 1969-1985/1989- ؟؟؟ (ذلك الخطأ هو اعتبار ان تلك الحكومات ممثلة وحاكمة بارادة المؤسسة العسكرية و لمصلحتها..
و هذا غير صحيح، فكل حكومة عسكرية تحركت و سيطرت بايعاز من تيار سياسي معين، و عبرت عن افكار و رؤي ومصالح فئة مدنية محددة؛ بل وغالبا ما انتهي الي كونه حكم فرد واحد " دولة الحزب الواحد والرجل الواحد"، وهذا ينطبق حتي علي حكم الجنرال عبود والذي كان عشية استيلاءه علي السلطة يشغل منصب القائد العام (ما يعني انه مؤهل و مخول قانونا بالحديث والتحرك باسم المؤسسة العسكرية) اﻻ انه ايضا تحرك بايعاز من حزب و حظي بدعم حزب ثاني "الجنرال يدين بالوﻻء لطائفة الختمية و هي احدي اكبر طائفتان دينيتان في السودان"..
فيما تحرك العقيد النميري بايعاز من اليسار القومي و الشيوعي، وتحرك العميد البشير بايحاء وتخطيط من التيار اﻻخواني "اﻻسلاميين" .
لذا ﻻ يصح تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية اﻻزمة الوطنية الراهنة و التاريخية وحدها. ﻻ وجود اذا لعسكري يتحرك من تلقاء نفسه ليسيطر علي السلطة مالم يكن مدفوعا بأجندة سياسيين "مدنيين" ﻷن المؤسسة العسكرية غير معنية بتمليك افرادها هوية سياسية بل تكتفي بهويتها الوطنية - القومية و المهنية اﻻحترافية؛ بل يعتبر انتماء فرد القوات المسلحة تنظيميا لحركة او حزب سياسي مخالفة لقانون القوات المسلحة و القوات النظامية اﻷخري، تستوجب المساءلة و الملاحقة والمحاكمة العسكرية .
علاوة علي كل ذلك فان المؤسسة العسكرية السودانية كانت هي الخاسر اﻷول من حكم "الدكتاتوريات" العسكرية، اذ ان قياداتها انشغلت بشأن الحكم و السياسة "وهذا ليس من مهام القوات المسلحة" و اهملت وظائفها اﻻساسية و التي تتمثل في البقاء علي اهبة اﻻستعداد والجاهزية العالية للدفاع عن التراب الوطني ومقدرات اﻷمة و العمل علي رفع كفاءة الجنود والضباط بمواﻻة التأهيل والتدريب والتمرين علي الخطط و المعدات، ورفع الروح القتالية المعنوية..الخ.
انشعال الجيش بالسياسة ومؤامرات الحكم يؤدي " أدي بالفعل" لولوغ قياداتها في تجاوزات ادارية و مالية وقانونية اخري، واهمال الوظائف اﻻساسية والتنافس علي الوظائف السياسية والمدنية وتحقيق الثراء السهل والسريع، وهذا يتسبب في ضياع روح الزمالة الواحدة بين افراده ، و يقلل من الانضباط و الربط في صفوف القوة. ان حكم "العميد" البشير حاليا أدي الي وضع المؤسسة في مركز متضعضع لم تشهده من قبل في تاريخها الطويل والمجيد..
فالقوات المسلحة السودانية التي تستند علي ارث عظيم من البطوﻻت الخالدة، و ترتكز علي تاريخ عسكري و تاريخ جندية وتقاليد حربية وقتالية ورثته عن جيش كوش "جيش الملك بعانخي الذي استولي علي مصر، و جيش الملك تهراقا الذي قاتل اﻻشوريين في حدود سوريا، و جيش الملكات اماني تيري واماني ريناس واماني شختو"، وجيوش الممالك النوبية المسحية "رماة الحدق" التي تصدت للفتح الاسلامي فكان السودان هو القطر الوحيد الذي دخله المسلمون بمعاهدة سلام " اتفاقية البقط"، ثم تراث جيش سلاطين سنار و سلاطين كردفان و دارفور، و قوة الجهادية السود التي كونتها الحكومة التركية المصرية في السودان، و قوة البازنجر "والتي قاتلت مع السلطان العثماني في معارك القرم ضد جيوش اﻻمبراطورية الروسية، و مع ملك اسبانيا في امريكا الوسطي-المكسيك".
وشهد للجندي السوداني كل من قاتله في تلك المعارك بأنه جندي من طراز فريد في البسالة و اﻻنضباط، ثم ميراث ألوية اﻻمام المهدي التي تفوقت بالسلاح اﻻبيض علي جيوش اﻻستعمار ذات السلاح الناري المتقدم؛ تلك اﻻلوية التي انهار امام بسالتها واقدامها صندوق الجيش اﻻنجليزي الذي تباهي به انكلترا كاسهام في فنون الحرب والقتال، ثم قوة دفاع السودان التي قاتلت مع الحكومة اﻻنجليزية في السودان في الحربين العالميتين الاولي والثانية في ارتيريا و ليبيا .
ثم اخيرا تراث قوات الشعب المسلحة السودانية والتي تمثل جماع خبرات وتقاليد وارث كل تلك الجيوش السودانية، والتي كان لها مشاركات اقليمية ودولية (صحيح انها كانت بوحدات رمزية الا ان ذلك لا يقلل من أهميتها) كمشاركتها في القوة التي حالت دون اشتباك بين القوات الكويتية و العراقية سنة 1961، و في قوات الردع العربية في لبنان 1976 ابان الحرب اﻷهلية و اضافة لمشاركتها في كل حروب العرب ضد اسرائيل منذ حرب 1948م ممثلة في الكتائب السودانية في الجيش المصري " كان السودان ومصر قطر واحد" وحروب 1956 و 1967 و 1973م بعد نيل اﻻستقلال. ا
ن مؤسسة عسكرية بكل هذا الميراث البازخ و تاريخ الفخر والبطوﻻت قد استحال بسبب اﻻنقلابات المتكررة، و بسبب انقلاب عمر البشير تحديدا الي مجرد قوة تحرس وكر عصابة تمارس فيه كل الموبقات؛ من التخطيط لقتل اﻻطفال، و اغتصاب النساء، و التفريط في تراب الوطن، و تبديد المال العام و الثروات القومية. و يتم توظيفيها واستغلالها اسوء استغلال فتشارك في تثبيت "الحكومة الشرعية" في جزر القمر، كما توظف في حروب اﻵخرين "حرب اﻷمير محمد بن سلمان في اليمن" .
فيما تعج البلاد بجيوش من جميع اقطار المعمورة "البعثة اﻻفريقية اﻷممية في دارفور و قبلها البعثة الدولية في السودان".
ثم ان البشير "بهدف ثبيت اركان حكمه" احتكر منصب القائد العام فكان اول شخص يتولي قيادة الجيش لعقدين كاملين من الزمان، وحين اضطر (غير باغٍ) للتخلي عن المنصب انفاذا لترتيبات اتفاق السلام الشامل لسنة 2005م، لم يتخلي عن المنصب اﻻ في 2010م، بعد ان الغي وظيفة القائد العام نفسها، ليكون بذلك آخر قائد عام !!. و وزع مهامه علي ما اسماه هيئة اﻻركان المشتركة.
فالبشير الذي ينتسب للمؤسسة العسكرية "شكلا وليس روحاً" سعي متعمدا لتحويل الجيش من جيش شعب الي قوة خاصة به، و هاهو في النهاية يستعيض عنها بقوات مليشيا قبائل تحميه من غضبة شعبه، و غضبة جيش شعبه، ويرهب بها خصومه ومعارضيه.
لكن يبقي اﻻمل معقود دائما في جيش الشعب ان ينحاز لخيار و ارادة شعبه في اللحظات الحاسمة من التاريخ والتي تشير كل الدﻻئل ﻹقترابها.
و هذا غير صحيح، فكل حكومة عسكرية تحركت و سيطرت بايعاز من تيار سياسي معين، و عبرت عن افكار و رؤي ومصالح فئة مدنية محددة؛ بل وغالبا ما انتهي الي كونه حكم فرد واحد " دولة الحزب الواحد والرجل الواحد"، وهذا ينطبق حتي علي حكم الجنرال عبود والذي كان عشية استيلاءه علي السلطة يشغل منصب القائد العام (ما يعني انه مؤهل و مخول قانونا بالحديث والتحرك باسم المؤسسة العسكرية) اﻻ انه ايضا تحرك بايعاز من حزب و حظي بدعم حزب ثاني "الجنرال يدين بالوﻻء لطائفة الختمية و هي احدي اكبر طائفتان دينيتان في السودان"..
فيما تحرك العقيد النميري بايعاز من اليسار القومي و الشيوعي، وتحرك العميد البشير بايحاء وتخطيط من التيار اﻻخواني "اﻻسلاميين" .
لذا ﻻ يصح تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية اﻻزمة الوطنية الراهنة و التاريخية وحدها. ﻻ وجود اذا لعسكري يتحرك من تلقاء نفسه ليسيطر علي السلطة مالم يكن مدفوعا بأجندة سياسيين "مدنيين" ﻷن المؤسسة العسكرية غير معنية بتمليك افرادها هوية سياسية بل تكتفي بهويتها الوطنية - القومية و المهنية اﻻحترافية؛ بل يعتبر انتماء فرد القوات المسلحة تنظيميا لحركة او حزب سياسي مخالفة لقانون القوات المسلحة و القوات النظامية اﻷخري، تستوجب المساءلة و الملاحقة والمحاكمة العسكرية .
علاوة علي كل ذلك فان المؤسسة العسكرية السودانية كانت هي الخاسر اﻷول من حكم "الدكتاتوريات" العسكرية، اذ ان قياداتها انشغلت بشأن الحكم و السياسة "وهذا ليس من مهام القوات المسلحة" و اهملت وظائفها اﻻساسية و التي تتمثل في البقاء علي اهبة اﻻستعداد والجاهزية العالية للدفاع عن التراب الوطني ومقدرات اﻷمة و العمل علي رفع كفاءة الجنود والضباط بمواﻻة التأهيل والتدريب والتمرين علي الخطط و المعدات، ورفع الروح القتالية المعنوية..الخ.
انشعال الجيش بالسياسة ومؤامرات الحكم يؤدي " أدي بالفعل" لولوغ قياداتها في تجاوزات ادارية و مالية وقانونية اخري، واهمال الوظائف اﻻساسية والتنافس علي الوظائف السياسية والمدنية وتحقيق الثراء السهل والسريع، وهذا يتسبب في ضياع روح الزمالة الواحدة بين افراده ، و يقلل من الانضباط و الربط في صفوف القوة. ان حكم "العميد" البشير حاليا أدي الي وضع المؤسسة في مركز متضعضع لم تشهده من قبل في تاريخها الطويل والمجيد..
فالقوات المسلحة السودانية التي تستند علي ارث عظيم من البطوﻻت الخالدة، و ترتكز علي تاريخ عسكري و تاريخ جندية وتقاليد حربية وقتالية ورثته عن جيش كوش "جيش الملك بعانخي الذي استولي علي مصر، و جيش الملك تهراقا الذي قاتل اﻻشوريين في حدود سوريا، و جيش الملكات اماني تيري واماني ريناس واماني شختو"، وجيوش الممالك النوبية المسحية "رماة الحدق" التي تصدت للفتح الاسلامي فكان السودان هو القطر الوحيد الذي دخله المسلمون بمعاهدة سلام " اتفاقية البقط"، ثم تراث جيش سلاطين سنار و سلاطين كردفان و دارفور، و قوة الجهادية السود التي كونتها الحكومة التركية المصرية في السودان، و قوة البازنجر "والتي قاتلت مع السلطان العثماني في معارك القرم ضد جيوش اﻻمبراطورية الروسية، و مع ملك اسبانيا في امريكا الوسطي-المكسيك".
وشهد للجندي السوداني كل من قاتله في تلك المعارك بأنه جندي من طراز فريد في البسالة و اﻻنضباط، ثم ميراث ألوية اﻻمام المهدي التي تفوقت بالسلاح اﻻبيض علي جيوش اﻻستعمار ذات السلاح الناري المتقدم؛ تلك اﻻلوية التي انهار امام بسالتها واقدامها صندوق الجيش اﻻنجليزي الذي تباهي به انكلترا كاسهام في فنون الحرب والقتال، ثم قوة دفاع السودان التي قاتلت مع الحكومة اﻻنجليزية في السودان في الحربين العالميتين الاولي والثانية في ارتيريا و ليبيا .
ثم اخيرا تراث قوات الشعب المسلحة السودانية والتي تمثل جماع خبرات وتقاليد وارث كل تلك الجيوش السودانية، والتي كان لها مشاركات اقليمية ودولية (صحيح انها كانت بوحدات رمزية الا ان ذلك لا يقلل من أهميتها) كمشاركتها في القوة التي حالت دون اشتباك بين القوات الكويتية و العراقية سنة 1961، و في قوات الردع العربية في لبنان 1976 ابان الحرب اﻷهلية و اضافة لمشاركتها في كل حروب العرب ضد اسرائيل منذ حرب 1948م ممثلة في الكتائب السودانية في الجيش المصري " كان السودان ومصر قطر واحد" وحروب 1956 و 1967 و 1973م بعد نيل اﻻستقلال. ا
ن مؤسسة عسكرية بكل هذا الميراث البازخ و تاريخ الفخر والبطوﻻت قد استحال بسبب اﻻنقلابات المتكررة، و بسبب انقلاب عمر البشير تحديدا الي مجرد قوة تحرس وكر عصابة تمارس فيه كل الموبقات؛ من التخطيط لقتل اﻻطفال، و اغتصاب النساء، و التفريط في تراب الوطن، و تبديد المال العام و الثروات القومية. و يتم توظيفيها واستغلالها اسوء استغلال فتشارك في تثبيت "الحكومة الشرعية" في جزر القمر، كما توظف في حروب اﻵخرين "حرب اﻷمير محمد بن سلمان في اليمن" .
فيما تعج البلاد بجيوش من جميع اقطار المعمورة "البعثة اﻻفريقية اﻷممية في دارفور و قبلها البعثة الدولية في السودان".
ثم ان البشير "بهدف ثبيت اركان حكمه" احتكر منصب القائد العام فكان اول شخص يتولي قيادة الجيش لعقدين كاملين من الزمان، وحين اضطر (غير باغٍ) للتخلي عن المنصب انفاذا لترتيبات اتفاق السلام الشامل لسنة 2005م، لم يتخلي عن المنصب اﻻ في 2010م، بعد ان الغي وظيفة القائد العام نفسها، ليكون بذلك آخر قائد عام !!. و وزع مهامه علي ما اسماه هيئة اﻻركان المشتركة.
فالبشير الذي ينتسب للمؤسسة العسكرية "شكلا وليس روحاً" سعي متعمدا لتحويل الجيش من جيش شعب الي قوة خاصة به، و هاهو في النهاية يستعيض عنها بقوات مليشيا قبائل تحميه من غضبة شعبه، و غضبة جيش شعبه، ويرهب بها خصومه ومعارضيه.
لكن يبقي اﻻمل معقود دائما في جيش الشعب ان ينحاز لخيار و ارادة شعبه في اللحظات الحاسمة من التاريخ والتي تشير كل الدﻻئل ﻹقترابها.
تعليقات
إرسال تعليق