التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خيارات المجلس العسكري الانتقالي

بدا واضحا انه من بعد ظهيرة السبت السادس من ابريل ان هناك واقع جديدا ينهض و وضع جديد يتشكل و ان النظام القائم حينها ليس في وسعه الاستمرار او البقاء.. و ان ثورة الشعب لديها سند وامتداد في قلب جيش الشعب..
كانت القيادة العليا للجيش هي المعنية لذا شخصت كل الانظار نحوها تنتظر ان تمنح الوضع الجديد ضوء اخضر و دفعة رسمية ليبلغ التغيير غايته
لكن، بدا واضحا ايضا، ومن خلال طول امد الانتظار ان القيادة العليا للجيش لم تفقد الأمل في رئيس النظام و في كامل المنظومة الامنية والسياسية والفقهية الحاكمة 'بمالكيتها'؛ الا في الحادي عشر من ابريل فقد منحته خمسة ايام لم يكن يستحقها ليسوي تلك الازمة و كان ثمن ذلك عدد من الشهداء في صفوف المعتصمين و قوات الامن والجيش نفسه! اذ لم يكن يملك خيار او حلول غير الاعتداء علي المواطنين، و ان قيادات عسكرية عليا سايرته بتقديم مقترحات دامية لكن اصطدمت بصمود قيادات الصف الثاني في الجيش و بقية الرتب والجنود كما ذهلت للحلول التي اقترحها الرئيس وحديثه عن انه يملك الحق في قتل ثلث المواطنين!
و بدا واضحا كذلك و من صيغة البيان الضعيف الذي تهجأه ابنعوف ان القيادة العليا للجيش دفعت دفعا للاقدام علي ما اقدمت عليه، و انها 'القيادة العليا للجيش والقوي الامنية الاخري' بسند سياسي من اركان النظام الذي وصفه البيان بالمخلوع تبحث عن مقاربة جديدة لاستمرار الوضع القديم دون البشير! لذا جاء البيان ضعيفا و لم تتخذ كل الاجراءات اللازمة لتفكيك النظام 'البائد' ولم تتخذ اي اجراءات للتمكين للواقع الجديد، فلم يعتقل أي شخص بخلاف البشير في الساعات الاولي ولم ترد اشارات للملاحقة القانونية والمساءلة ولم تتم اشارة كذلك للتجاوزات الجسام التي وقعت خلال الثلاثين عاما هي مدة حكم البشير ( 1989-2019 ).
تفاجئت القيادة العليا العسكرية بردة الفعل السريعة والقوية الرافضة لبيان المجلس العسكري الانتقالي ( اللجنة الامنية العليا سابقا! ) فاستجابت سريعا بخطوة استقالة رئيس المجلس و نائبه ثم استقالة مدير جهاز الامن!
لكن تستمر القيادة في تكتيكاتها الرامية الي تخفيف وقع الثورة علي الطغمة المستبدة وبطانتها و تخفيف الضرر الذي يمكن ان يطالها جراء التغيير و توفير حماية وغطاء رسمي لهم! ومنع اي توجه لاجراء تغيير جذري لمنظومة الدولة الفاسدة والمتفسخة و حماية البطانة المنتفعة المتمثلة في عناصر المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية وبقية الاحزاب ال 'متوالية' و المتحالفة معه و علي رأسها المؤتمر الشعبي و الحزب الاتحادي المسجل ..الخ
ان المجلس العسكري لا يمثل الإرادة الحقيقية لعماد القوات المسلحة و بالتالي لا يمكنه التحدث باسم ثورة التغيير، وان الخيارات المتاحة له ليست عديدة فلديه خياران فقط اما ان يسير في طريق تلبية متطلبات التغيير و ارادة المعتصمين و ارادة الغالبية العظمي لجنود وضباط القوات المسلحة والنظامية فيسطر فصلا من نور في التاريخ الوطني؛ او ان يسير في خط عرقلة الثورة و حماية البطانة الفاسدة و حينها سيلحق بركب الساقطين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...