الأسبوع الماضي اقدمت الحكومة السودانية علي اتخاذ قرارات اقتصادية وصفتها بالاصلاحية تمثلت في تعويم (جزئي) للعملة الوطنية و رفع سعر وقود السيارات والمحركات.. وتعتبر هذه الاجراءات امتداد للسياسات التي بدأت حكومة (المشير) عمر البشير تطبيقها منذ وصوله للسلطة في 1989م والتي عرفت بسياسات تحرير الاقتصاد وهدفها المعلن اتباع تام لسياسات السوق الحر عبر عملية خصصة المؤسسات الاقتصادية العامة الخاسر منها والرابح. و قد اسفرت تلك الخصصة باجماع المحللين الاقتصاديين عن تخلق قطاع خاص ضعيف يعتمد كلياً علي جهاز حكومي فاسد و فاشل؛ و بإقرار الحكومة فان مبرر تلك الاجراءات الأن هو (انقاذ) الاقتصاد الوطني من الانهيار!
كما تعتبر بكل المقاييس تكملة للسياسات غير المعلنة والتي اسفرت عمليا عن اخراج السودان من سوق صادرات السلع الزراعية (المحاصيل و اللحوم) والتي كان للاقتصاد السوداني قدم راسخة فيه خصوصا سلع القطن والصمغ العربي و السمسم والذرة و الجلود..الخ، كما اخرجته من سوق السلع المصنعة (تصنيع أولي)، اضافة الي سوق الخدمات (العمل علي رأسها)؛ والاعتماد عوضا عن ذلك علي انتاج النفط والذهب..
لكن ما يدعوا المراقب للاستغراب هو ان خروج السودان سريعا من سوق النفط بعد انفصال الجنوب الذي اسفر عن فقدان السودان لثلث مساحته ايضا وما عليها من موارد (بشرية، وغابية ومعدنية..الخ) لم يثني السلطات الحكومية عن اتباع ذات السياسة التي لن تسفر عن شئ سوي مزيد الخراب ..
خسر السودان عائدات صادراته التقليدية ثم خسر عائدات صادر النفط؛ كما خسرت السلطة تحالفاتها القديمة (ايران والصين في الطريق) وخسر ثقة الصناديق والممولين الاقليميين والدوليين.. ولا اثر لبارقة امل وسط اكوام الخسائر تلكح ما يعني ان البلاد مقبلة علي ايام عصيبة و أعتي من التي ولت
فسعر العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الصعبة وصلت مرحلة غير مسبوقة في التدني والانهيار (الدولار يباع وفق السعر الرسمي بنحو 16 الف جنيه، فيما كان ليلة وصول البشير للحكم يباع بثلاثة جنيهات وحسب)، و وصل التضخم مستويات تفوق ال 50% و تدني مستوي معيشة السودانيين بصورة غير مسبوقة وصلت لدرجة عدم القدرة علي توفير ابسط الاحتياجات بما فيها أدوية الامراض اليومية ناهيك عن المزمن منها والعضال .. واضحي امامهم ثلاثة طرق فقط لمجابهة احتياجاتهم وهي اما الهجرة والاغتراب والسفر نحو الخليج وليبيا المتفجرة واوروبا التي تحرسها امواج الابيض المتوسط!، أو البحث والتنقيب عن الذهب في صحاري السودان وغرب افريقيا ومجابهة خطر الموت عطشا و جوعا، أو الانضمام لحزب البشير والذي لن يسع كل الشعب مهما اتسعت مواعينه!
لم تلقي تلك الخطوة (القرارات الاقتصادية) أية اهتمام من الصناديق الدولية أو الاقليمية، اذ علي مايبدو فان السودان فقد أهميته الافريقية والدولية (وللمفارقة حتي عربيا) بمجرد فقدانه لإقليم جنوب السودان ..
كما ان تلك الخطوة لم تلقي اية استجابة متقبلة أو رافضة داخليا حتي اليوم! و ربما يكون للدرس الذي استفادته جموع السودانيين من احتجاجات سبتمبر 2013م اثر في موقفها الحالي (كانت الجموع قد خرجت في تلك الانتفاضة احتجاجا علي قرارات اقتصادية شبيهة لكن السلطة قمعتها ما اسفر عن 85 قتيلا وفق ارقام الحكومة نفسها و نحو 200 وفق احصاءات مستقلة).
علي كل حال يبدو الموقف في السودان رغم الهدوء مشحونا وقابلا للإنفجار في أية لحظة؛ فشعبية البشير و حكومته في ادني مستوياتها علي الاطلاق، البشير الذي اشتهر بخطبه و رقصه بين الجماهير في السابق ما عاد قادرا علي مواجهة الحشود اليوم، و زياراته لقري و محليات و مدن السودان استعاض عنها بزياراته المتعددة لقطر والسعودية (زار السعودية 8 مرات تقريبا خلال العام الجاري فقط).
و لأن الحل لن يتحقق في ظل الاوضاع الحالية التي تسودها العتمة والفساد فإن انهاء أطول عملية (انقاذ) سياسي في التاريخ يبرز كمخرج وحيد للسودان من أزمته حتي يتمكن من اعادة بناء منظومة حكم و ادارة تسودها الشفافية و لديها حساسية تجاه الفساد المؤسسي لتسهم في وقف تبديد الموارد و نزف الامكانات الحالي ثم تبحث بعد ذلك عن سبل لإستدعاء موارد اضافية من الداخل والخارج سواء من مستثمرين وطنيين أو اجانب أو من صناديق تمويل و دول ايضاً.
كما تعتبر بكل المقاييس تكملة للسياسات غير المعلنة والتي اسفرت عمليا عن اخراج السودان من سوق صادرات السلع الزراعية (المحاصيل و اللحوم) والتي كان للاقتصاد السوداني قدم راسخة فيه خصوصا سلع القطن والصمغ العربي و السمسم والذرة و الجلود..الخ، كما اخرجته من سوق السلع المصنعة (تصنيع أولي)، اضافة الي سوق الخدمات (العمل علي رأسها)؛ والاعتماد عوضا عن ذلك علي انتاج النفط والذهب..
لكن ما يدعوا المراقب للاستغراب هو ان خروج السودان سريعا من سوق النفط بعد انفصال الجنوب الذي اسفر عن فقدان السودان لثلث مساحته ايضا وما عليها من موارد (بشرية، وغابية ومعدنية..الخ) لم يثني السلطات الحكومية عن اتباع ذات السياسة التي لن تسفر عن شئ سوي مزيد الخراب ..
خسر السودان عائدات صادراته التقليدية ثم خسر عائدات صادر النفط؛ كما خسرت السلطة تحالفاتها القديمة (ايران والصين في الطريق) وخسر ثقة الصناديق والممولين الاقليميين والدوليين.. ولا اثر لبارقة امل وسط اكوام الخسائر تلكح ما يعني ان البلاد مقبلة علي ايام عصيبة و أعتي من التي ولت
فسعر العملة الوطنية (الجنيه) مقابل العملات الصعبة وصلت مرحلة غير مسبوقة في التدني والانهيار (الدولار يباع وفق السعر الرسمي بنحو 16 الف جنيه، فيما كان ليلة وصول البشير للحكم يباع بثلاثة جنيهات وحسب)، و وصل التضخم مستويات تفوق ال 50% و تدني مستوي معيشة السودانيين بصورة غير مسبوقة وصلت لدرجة عدم القدرة علي توفير ابسط الاحتياجات بما فيها أدوية الامراض اليومية ناهيك عن المزمن منها والعضال .. واضحي امامهم ثلاثة طرق فقط لمجابهة احتياجاتهم وهي اما الهجرة والاغتراب والسفر نحو الخليج وليبيا المتفجرة واوروبا التي تحرسها امواج الابيض المتوسط!، أو البحث والتنقيب عن الذهب في صحاري السودان وغرب افريقيا ومجابهة خطر الموت عطشا و جوعا، أو الانضمام لحزب البشير والذي لن يسع كل الشعب مهما اتسعت مواعينه!
لم تلقي تلك الخطوة (القرارات الاقتصادية) أية اهتمام من الصناديق الدولية أو الاقليمية، اذ علي مايبدو فان السودان فقد أهميته الافريقية والدولية (وللمفارقة حتي عربيا) بمجرد فقدانه لإقليم جنوب السودان ..
كما ان تلك الخطوة لم تلقي اية استجابة متقبلة أو رافضة داخليا حتي اليوم! و ربما يكون للدرس الذي استفادته جموع السودانيين من احتجاجات سبتمبر 2013م اثر في موقفها الحالي (كانت الجموع قد خرجت في تلك الانتفاضة احتجاجا علي قرارات اقتصادية شبيهة لكن السلطة قمعتها ما اسفر عن 85 قتيلا وفق ارقام الحكومة نفسها و نحو 200 وفق احصاءات مستقلة).
علي كل حال يبدو الموقف في السودان رغم الهدوء مشحونا وقابلا للإنفجار في أية لحظة؛ فشعبية البشير و حكومته في ادني مستوياتها علي الاطلاق، البشير الذي اشتهر بخطبه و رقصه بين الجماهير في السابق ما عاد قادرا علي مواجهة الحشود اليوم، و زياراته لقري و محليات و مدن السودان استعاض عنها بزياراته المتعددة لقطر والسعودية (زار السعودية 8 مرات تقريبا خلال العام الجاري فقط).
و لأن الحل لن يتحقق في ظل الاوضاع الحالية التي تسودها العتمة والفساد فإن انهاء أطول عملية (انقاذ) سياسي في التاريخ يبرز كمخرج وحيد للسودان من أزمته حتي يتمكن من اعادة بناء منظومة حكم و ادارة تسودها الشفافية و لديها حساسية تجاه الفساد المؤسسي لتسهم في وقف تبديد الموارد و نزف الامكانات الحالي ثم تبحث بعد ذلك عن سبل لإستدعاء موارد اضافية من الداخل والخارج سواء من مستثمرين وطنيين أو اجانب أو من صناديق تمويل و دول ايضاً.
تعليقات
إرسال تعليق