التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فساد الذهب بعد فساد النفط

  بعد ان ذهب الجنوب بخيره (البترول) وشره واغلق ملف فساد عقودات النفط وامتيازاته التي حصلت عليها شركات صينية وماليزية وكندية بطرق لا أحد يعلم كيفيتها (حتي قيادات الحركة الشعبية التي كان من حقها الاطلاع علي كل الاوراق السرية تم تحليفهم اليمين بعدم كشف سرية تلك الوثائق وقد التزموا بالقسم بصورة مذهلة!!)، وبعد ان تم تبديد مبالغ طائلة من العملة الصعبة  كان بعضها فقط يكفي لوضع السودان علي مدارج الامم النامية والناهضة (تتحدث بعض التقديرات عن نحو 79مليار دولار)، ولا أحد لديه فكرة عن الكيفية التي تم بها تبديد تلك المبالغ!
  ان كان ملف فساد النفط قد اغلق علي عواره ودون اي تحقيق زائف حتي   فإن ملفات جديدة تنضاف يوميا لجبل ملفات الفساد في البلد، احدث تلك الملفات التي ترامت الي سمعي يتعلق بتعدين الذهب و امتيازاته.
تبدأ القصة  بخروج شركة تعدين فرنسية وقد كان خروجها لعدة اسباب اهمها ان ان نسبة تركيز الذهب في المربعات التي تعمل عليها اخذت في التناقص  وان الضغوط عليها بسبب عملها في السودان تزيادت بالمقابل وان الشركة قد تفرض عليها عقوبات امريكية..
المهم خرجت الشركة بعد ان قامت بتسليم كل ال "DATA" المتعلقة بالابحاث التي اجرتها بمربعات امتيازها وفق ما تقضي به الاعراف و القوانبن في هذه الحالة للدولة مانحة الامتياز ممثلة في وزارة التعدين،
  دخلت كبديل عن الشركة الفرنسية شركة مغاربية للعمل في ذات المربعات "وفي الواقع ارسلتها الشركة الفرنسية فما هو معلوم ان لفرنسا شراكات وثيقة مع الدول المغاربية وغرب افريقيا عموما" المهم جاءت الشركة المغاربية وطالبت الوزارة بابحاث و DATA الفرنسية وتفاجأت برد الوزارة بان ال DATA فقدت في ملابسات "رحول/ تغيير مقر الوزارة!!
  قنعت الشركة الجديدة برد مسؤولي الوزارة وشرعت في العمل (من الصفر) دون هدي من معلومات سابقة، وفيما عمالها وادارييها منهمكون في اعمالهم وردت الي الشركة مكالمة من طرف مجهول تخبرهم بأن البيانات التي سألوا عنها موجودة ، استبشر  اداريي الشركة خيرا و اعلنوا المتصل بأنهم سيرسلون مندوبا للوزارة لإستلام البيانات، فكان رد الطرف المجهول بأن البيانات بطرفه هو وان الوزارة لا دخل لها ولا صلة بما يتحدث عنه؛ وان كانوا معنيين بالأمر فعليهم اتباع أوامره هو وتنفيذ طلباته بدقة.
كانت طلبات المتصل شبيهة بطلبات زعماء عصابات الجريمة المنظمة (طلبات الفدية) حيث قام بتحديد مبلغ من المال و تحديد وقت التسليم و مكانه والطرف الذي سيمثل الشركة نفسها !!!
   التزمت الشركة بكل شروط المتصل وقامت بتسليم مبلغ الـ (فدية) وقدره 500 ألف دولار بعد مساومة المتصل (كان قد طلب مبلغ مليون دولار اميركي) للشخص المحدد، وهو بالمناسبة متعاقد باطني مع الشركة أوصت الجهات الحكومية الشركة الجديدة بالتعاقد معه! ما يعني انه شخص مقرب بالاساس من دوائر اتخاذ القرار، لتكتمل بذلك حلقات مؤامرة فساد تطال ليس المال العام فقط وانما سمعة البلاد و مستقبلها،فيما تبقي الصورة الكاملة تنظر القاء الضوء عليها وكشف حلقات الفساد الاخري التي مهدت لهذة الحلقة والتي لحقتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...