التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فشل النظام العربي التعليمي ايضا !!



   في موسم واحد عصفت فضيحة تسريب اسئلة امتحانات الشهادة التعليمية الثانوية 'تسمي ايضا البكالوريا في بعض البلدان' في ثلاث دول هي السودان ومصر و الجزائر،
  اختلفت الطريقة التي تعاطت بها المنظومة التعليمية مع الفضيحة في تلكم البلدان فبينما اضطرت في الاخيرتين لاعادة بعض جلسات الامتحانات "وبالمناسبة في مصر تسرب الامتحان المعاد ايضا!!"، وفي الجزائر قامت السلطات بوقف خدمات الانترنت بحجة انه يسرع عملية كشف وتسريب اسئلة الامتحانات!!، اختارت في الاولي 'السودان' التعامي عن الامر و تفويته! وهذا يعكس بوضوح عمق الازمة التعليمية فيه، فاضافة الي ان تسرب الامتحانات ليست بالامر الجديد، كانت الامتحانات قد شهدت فضيحة اخري في الموسم الماضي وهي اقامة مركز امتحانات مزيف !!!
   هذه الحادثة تمثل عرض جديد لامراض التعليم في العالم العربي .. فبعد كل ما قيل عن ازمات التعليم الموضوعية المتعلقة بفلسفة التعليم و مناهجه .. ، و ما يوجه اليه 'بحق' من نقد علي شاكلة انه تعليم تلقيني يخرج 'حفظة' و لا يحفز "بل ويعيق" التفكير و النقد و الشك وطرح الاسئلة و اقتراح الحلول و الابداع و الابتكار ..الخ
    بعد كل ذلك، هاهي الازمة تنتقل من الموضوع و الجوهر الي الشكل و الآلية التي تقدم ذلك المضمون 'المدارس و المعاهد و الوزارة ذاتها' و التي علي ما يبدو ما عادت قادرة او غير  راغبة ربما في تقديم تلك الخدمة السيئة و الرديئة"!!
    اذ من الواضح ان القائمين علي امر التعليم ما عادوا مقتنعين بالرسالة التي يقدمونها في المجتمع و الدور الذي يلعبونه فتراخوا بل وانقلبوا من معاول بناء الي ادوات هدم و تخريب؛ فبعد الدروس الخصوصية التي تسامحنا معها، و سمحنا بها و تقبلنها حتي تحولت شيئا فشئ من امر ثانوي و اضافي الي ضرورة لابد منها..  الي المدارس و الجامعات الخاصة التي تقدمت علي مدارس وجامعات الدولة في العدد و الانتشار و التأثير 'سالب كان او ايجابي'.. حتي انقلبت الاية تماما.
    أو  ربما 'وهذا الراجح عندي' ان فساد التعليم بعد ان افسد اوجه حياتنا كلها "في الصحة و الامن الثقافة ..الخ" ها هو فساده يرتد علي المؤسسة التعليمية ذاتها ليكون ذلك بمثابة اعلان بان الفساد و التردي قد كسب الجولة بالنقاط، كل النقاط.
   يا سادة، ان المدارس عندنا قد تخلت عن دورها منذ امد ليس بالقصير، و ماعادت اماكن للتربية و التهذيب و تقديم خدمات تيسير المعرفة؛ بل اضحت محلات واسواق تباع فيها سلعة الشهادات و النتائج و التقدير 'العلمي' ويتم فيها ايهام التلاميذ و اولياء امرهم انه علي خير ما يرام..
الي الان لم يلتفت القائمون علي امورنا 'السلطات السياسية و الادارية المعنية بالتعليم' لهذا الخطر الذي دهمنا و ان كانت قرببا ستفعل؛ لكن ما أخشاه هو ان تكون رؤيتها و تدابيرها كما عودتنا دائما قاصرة و لا تتجاوز سطح الازمة الي عمقها وجذرها؛
     ما اخشاه ان يعمل المختصون بالتربية و التعليم علي ترميم الألية و المؤسسة التربوية .. سيدعون لاصلاح هيئات الوزارة و لجان الامتحانات و مكاتب التعليم الاقليمية و المناطقية، و قد ينادي بعضهم بتبعية الامتحانات لمخابرات الجيش والاجهزة الامنية بحجة ضمان تأمين وسرية عالية !!
   فيما لن يتحدث احد عن أس المشاكل، عن ترميم جوهر التعليم العربي و لبه؛ عن مراجعة فلسفة واهداف التعليم و اصلاح مناهجه؛ بحيث نعود للتركيز علي غايات التعليم الاخلاقية والموضوعية، و لأن نضع حد للشكلانية التي سقطنا فيها والتي بسببها ما عاد احدنا قادر علي الرؤية ما هو ابعد من أنفه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...