منذ العام 1989م بات المعيار اﻷساسي في التشغيل والتوظيف في جهاز الدولة المدني او العسكري هو الواسطة .. اتخذت الواسطة في السنوات اﻻولي غطاء الصلة التنظيمة "الوﻻء السياسي" ثم بعد انهيار البرنامج السياسي والفكري لنظام حكم اﻻسﻻميين ماعادت صلة التنظيم تجدي الباحثين عن مناصب او وظائف فارتفعت صلة الدم والحسب والمصاهرات..
لم تكن الواسطة "تنظيمية او قرابة" ضرورية لشغل الوظيفة فقط بل و لﻹستمرار فيها ، فمع سيف "اﻻقالة للصالح العام" المشرع فوق الرؤوس.. اصبحت الواسطة هي الميزة الاعلي تنافسية بل والميزة الوحيدة التي ان اكتسبها باحث عن وظيفة تنفتح امامه اﻻبواب وان افتقد اليها انغلقت في وجهه بل ويمكن ان يفقد عمله "ان كان عامﻻ" في اية وقت وﻻ قيمة لكفاءته او تأهيله او خبرته!
اﻷن بعد )27( عاما من سياسة التوظيف القائم علي الوﻻءات و القرابات فان مؤسسات الدولة )وزارات و شرطة و قوات مسلحة و قضاء( تقف علي شفا اﻻنهيار.
فيما ﻻ يزال سدنة )الحزب الحاكم( الجدد يكابرون ويراوغون.
ما استغربت له انا هو موقف )رجال الدين و مجالس علماء المسلمين( الذين يدافعون عن السلطة من وجهة نظر اخﻻقية، لماذا غضوا الطرف عن هذا الفساد الكبير.. طبعا انا اعرف انهم ايضا فاسدون لكن ليس من المنطقي ان تدافع عن موقف ﻻ يمكن الدفاع عنه مقابل فتات والنتيجة الحتمية سقوط المعبد قريبا علي رأس الجميع!!
سألت احد اؤلئك "العلماء" وهو عبد الحي يوسف عن ظواهر تزوير قيادات بالخدمة المدنية لمؤهﻻتهم العلمية و تفشي الواسطة فاستنكر اﻷولي اما الثانية فقال دون ان يطرف له جفن ان الواسطة ليست شرا فهي كالشفاعة بل هي الشفاعة ذاتها وهناك شفاعة حسنة و شفاعة سيئة ... بهذه البساطة وهذه هي العقلية التي تحكم البلد بسلطاتها الثﻻث؛
"التنفيذية والتشريعية والقضائية".. انها عقلية تدير الوطن بذات كيفية من يدير ملكية خاصة!
مع العلم ان قواعد عدالة التنافس وتساوي الفرص التي تعتبر الكفاءة والتأهيل وتمنع التمييز علي اساس النوع و الدين و اللون و اللسان و الرأي السياسي .. الخ هي التي تحكم الوظيفة العامة وهي جزء من قواعد حقوق اﻻنسان، بل و اضحت تسود حتي علي مستوي التنافس في سوق العمل الحر " القطاع الخاص".. فاﻻدارة الرشيدة التي تهدف لتحقيق الكسب تتطلب اﻻحتكام لمعايير علمية وليس لﻷهواء.
فغي وقت باكر توصل علماء اﻹقتصاد و اﻻدارة كقاعدة ضرورية لضمان مبدأ السوق الحر وحرية التعاقد والمنافسة وعدم اﻻحتكار وهي ايضا تصب في خدمة ومصلحة حملة اﻻسهم و اصحاب اﻷموال
دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...
تعليقات
إرسال تعليق