* تصر بعض النخب (النوبية تحديدا) علي اﻹشارة لـﻷصل النوبي لسودان ما قبل الميـﻻد ؛ وذاك قول يفتقر كليا للصحة. هؤﻻء قريبا سيقولون ان بعانخي محسي سكوتي وليس حلفاوي، او دنقﻻوي ﻻ كنزي!!
* علميا فإن اﻹشارة لـﻷصل النوبي او تاريخ وحضارة نوبية تصح فقط عند الحديث عن الممالك المسيحية الثـﻻث "علوة والمقرة و سوبا" اما ماقبل ذلك من الممالك والحضارات فـﻻ يصح نسبتها الي النوبة وﻻ يستطيع عالم وﻻ دعي ان ينسب أولئك اﻷسـﻻف لعرق معين فناهيك عن ان كون تلك النسبة غير مطلوبة ﻹعتبار انها تعيد تقسيم الماضي علي اساس معاصر!! فهي غير ممكنة عمليا،ﻷسباب منها ان الماضي السحيق له منطقه المختلف والذي يمكن معرفته فقط بمحاولة فك طﻻسمه عبر اﻵثار التي خلفوها وراءهم فهي وحدها ما تدل عما حدث .. وﻷنها آثار ﻻتنطق لذا يتم التعامل معها بحرص وتعتبر ادلة مادية يمكن بناء اكثر من فرضية عليها ومن ثم ترجيح واحده علي اﻷخريات.
* ومن ذلك فان وجود النوبة نفسه خاضع حتي الأن لثـﻻث فرضيات في علم التاريخ القديم.. إحداها تزعم بان النوبة استجلبهم احد فراعنة مصر من صحراء و واحات ليبيا ليشكلوا فاصل بينه وبين الممالك الجنوبية التي اقلقت حدود مصر الجنوبية بكثرة الاغارة عليها!
* ان من الصعب بل المستحيل الجزم بأن عرق او إثنية هي التي تمثل وتنوب عن اجداد عاشوا في حقب ماقبل الميﻻد مثـﻻ وماقبل التاريخ الدقيق.. انما يمكن ان تنوب القومية الواسعة والوطنية لتلك المهمة "التمثيل واﻹنابة" واﻹنسانية هي الاحق بهذا اﻹرث البشري وكل ماعلينا من واجب هو لفت نظر البشرية لتراثها هذا..
* ان في فترات سابقة من التاريخ كانت هجرة البشر افرادا وجماعات وقبائل وشعوب باكملها امر طبيعي لذا ليس من المنطقي الجزم بأن المصريين الحاليين هم جينيا ابناء وسـﻻلة المصريين القدماء وﻻ قول ان النوبة الحاليبن هم من سـﻻلة النوبة القدماء والكوشيين والمروين من قبل ذلك.. ففي عهد القدماء كانت اﻷرض رقعة واحدة ومامن حرس حدود او غفر سواحل.فمعظم الوقت كانت سلطة المملك (و الحضارات خصوصا) تمدد لما وراء الحدود الطبيعية والسياسية، وكانت مصر تشمل اجزاء من شمال السودان والسودان اجزاء من جنوب مصر وكانت اكسوم في شرق السودان والسودان يضم مناطق واسعة من شرق افريقيا وغربها.. كانت الجغرافيا السياسية والسكانية (البشرية) غير التي نعرفها حالياً.
* ان التاريخ القديم لا يصلح مادة للنقاش السياسي ولا للتكسب والدعاية الايديولوجية وانما هو علم مكانه قاعات الدراسة وحقول البحث الاكاديمي الجاد وفقط.
* للأسف هناك بعض السودانيين يعرفون نتفا من تاريخ السودان القديم والذي هو شحيح بحكم ضآءلة المعرفة المتوافرة عنه .. ومع ذلك يعممون معرفتهم تلك ويطفقون يتحدثون حديث العارفيين،
* و البعض يخلط بين مراحل مختلفة في تاريخ السودان، ويستخدم ذلك التصور الملتبس ويسقطه علي الراهن، فيخلطون بين مرحلتين مختلفتين قبل دخول العرب (مرحلة الممالك المسيحية) ومرحلة ممالك كرمة وكوش .. فارق كبير
* دخول العرب للسودان (برغم مآخذي علي الفرضية) في ذاتها فيها قولين قبل الاسلام وبعد الاسلام..
والمأخذ انو في فرضية ممكن تكون اقرب وهي ان العرب خرجوا من السودان ولم يدخلوا فقط.. فأفريقيا في فرضية مقبولة علي نطاق واسع هي مهد البشرية وكل البشر خرجوا منها فلماذا لا يكون العرب خرجوا من السودان .. وهناك قصص قريبة تحكي عن احتكاكات بين العرب وافريقيا (عنترة بن شداد وبلال الصحابي..الخ) كلها تصب في خانة صلات سابقة.
* مساءلة الاصل النوبي يستغلها البعض ليصدع رأسنا بأفريقيانية السودان مع ان افريقيا نصفها انجليزي ونصفها فرنسي وباقيها جيوب برتقالية و نصيب مقدر ناطق بالعربية (شمال افريقيا)
ماذا يمنعنا ان قررنا جميعا ان نتصرف كغربيين انجليز او امريكان؟ فالهوية ﻻتفرض علي اﻹنسان ومثلما عجز اﻹسﻻميين عن فرض رؤيتهم بقوة الدولة يفشل وسيفشل "الفاشلون" في فرض ما يتوهمون.
* البعض يذهب في جدل الهوية ومماحكات مذهبا عجيبا ويتحدث حتي ان الفحص الجيني؛ ان فحص الجينات ممكن قبولها لأغراض البحث العلمي ،وحتي في البحث العلمي تقدر بقدرها ولا تستغل في ممحكات او اثبات حقوق مدعي بها سياسيا او لفرض نظرية معينة سياسيا.. وليس لأي غرض سياسي أو ايدولوجي أو قانوني.. أي ليس لأثبات اية دعوي سياسية أو حق تاريخي.
* ان اسهام الماضي في الحاضر السياسي والحضاري ينبغي ان ينبني علي تصور اقرب ما يكون للعلمية والصحة وليس مجرد روايات وقصص تعكس امنيات واهواء اكثر مما تعكس معرفة وحقائق
دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...
تعليقات
إرسال تعليق