تزمع و تزعم حكومة البشير اجراء استفتاء في دارفور بشأن طريقة حكم اﻻقليم، وما إذا كان سيستمر كخمسة مناطق سياسية ام منطقة واحدة،
التباسات كثيرة تثور حول اجراء اﻻستفتاء الذي يأتي انفاذا ﻹتفاق وقع في الدوحة بين حكم البشير/المؤتمر الوطني وحركة/ات يقودها التجاني سيسي و بحر ابو قردة، فالشارع العام في بقية السودان ﻻ يبدوا معنيا باستفتاء ابريل ليس ﻷنه غير مشارك، ولكن غالبا ﻷن اﻹستفتاء لن يحسم ازمة التمرد والحرب في اﻻقليم، عدم اﻹهتمام هذا يتشاركه حتي ابناء دارفور المتواجدين بالعاصمة والمدن الاخري؛ كما لم يتحدث طرفي اﻻتفاق عن مكان اجراء العملية و هوية من يحق لهم المشاركة .. بمعني هل ستوجد صناديق ﻷبناء دارفور المتواجدين باﻷقاليم اﻷخري ام ﻻ وهل سيصوت كل المقيمين بدارفور حتي وان كانوا يتحدرون من اقاليم اخري ام ﻻ؟ عﻻوة علي ذلك هل ستكون العملية حقيقية تحترم فيها اصوات المواطنين ام ستكون مثل سابقاتها من انتخابات اﻹنقاذ (1996 و استفتاء دستور 1998 و انتخابات 1998 و 2010 و. 2015م)،
عوضا عن توضيح تلك المسائل يهتم البشير و اعوانه علي التأكيد فقط علي مسألة ان اﻹستفتاء اداري وليس سياسي!! وهذا قول في حد ذاته ملتبس، فما من تصويت اداري واي عملية انتخابات هي عملية سياسية؛ وان كان المقصود هو ان النتائج المترتبة علي اﻹستفتاء هي نتائج ادارية و ليست سياسية؛ فانه قول كذلك ينطوي علي مفارقة .. ومغالطة كذلك، فحكم الاقاليم او الوﻻيات هو شأن سياسي، فالنظام اﻻتحادي "الفدرالي" هو نظام سياسي وليس اداري؛ صحيح ان البشير نجح في جعل الفدرالية مجرد نظام اداري عبر العودة لنظام تعيين الوﻻة "حكام الوﻻيات" بواسطة الرئيس لكن الفدرالية ليست مختزلة في منصب واحد بل هي منظومة كاملة سياسية ومدنية ومجتمعية كذلك.
ان الفدرالية المجزوءة و "اﻹسمية" التي يطبقها حكم البشير منذ 1994م؛ و التي قالت اﻹنقاذ انها الحل لمشاكل السودان و وفاء بمطلب اهل الجنوب قبل اﻹستقﻻل اضحت جزء من المشكلة واﻷزمة، فما هو مطبق ليس اﻻ نظام اداري قابض يسهل سيطرة السلطة المتحكمة "الديكتاتورية" في العاصمة؛
ان الفدرالية نظام سياسي يمثل خيار من خيارات الحكم الديمقراطي، و ﻻ يتوقع وﻻ يعقل ان تطبقه سلطة شمولية ..
فهو ليس نظام لتفويض سلطات من المركز للوﻻيات؛ ﻷن الوﻻيات هي صاحبة الحق اﻷصيل والسلطة؛ وهي التي تفوض للمركز قدر يسير من السلطة السياسية والقانونية للعاصمة و الحكومة اﻻتحادية، اما ما يتعلق بشأن الوﻻيات فيكون لحكومة الوﻻية سلطة سياسية تنفيذية وتشريعية وادارية ﻻ يعلي عليها، ويكون لها قانونها الخاص وشرطتها المنفصلة و قضاءها المستقل- المنفصل و نيابتها العامة..الخ.. بالمجمل تكون لها شخصينها وحياتها العامة والسياسية المميزة لها عن الدولة اﻻتحادية وعن غيرها من الوﻻيات اﻷخري.
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق