التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بأية قبعة يزور سلفاكير الخرطوم...وبأية عين يراه أعضاء النادي الكاثوليكي

    تقول الانباء ان السيد (الرفيق) سلفا سيزور الخرطوم خلال ايام، وهي إن لم تخذلني الزاكرة أول زيارة للرجل لعاصمة بلاده السابقة بعد اعلان انفصال دولته (جنوب السودان) أواسط العام 2011م، اذ كانت آخر زيارة له في اعقاب اعلان نتيجة الاستفتاء في فبراير-مارس من ذلك العام، وقد شهدت العلاقات (الدبلوماسية) بين البلدين (التوأم) توترات وصلت حافة هاوية الحرب اكثر من مره خلال هذه المدة القصيرة نسبياً. واكتفي خلالها الطرفان بإبتعاث مندوبين او الالتقاء لدي الجارة اثيوبيا.
   وكلنا نزكر اول زيارة للرفيق الفريق سلفاكير ميار ديت (الرجل صاحب قبعة الكابوي الشهيرة)، كان ذلك حين أتي لخلافة رفيقه وقائده الدكتور قرنق الذي مات في حادث تحطم طائرة فعلي سفوح جبال الامتونج عند حدود السودان (الجنوب الان) مع يوغندا، حينها جاء بجلباب افريقي فضفاض وسماوي وقبعة من ذات القماش الذي يشبه مايرتديه اهل الغرب الافريقي ، وكان قد اشتهر عن قرنق تصريحه بأنه يفاوض الخرطوم بعدة قباعات منها قيادته لجيش تحرير الجنوب، وقوات التجمع المعارض الذي يضم ايضا احزاباً قومية أو شمالية بالاحري، ويبدو ان سلفا قد ورث عنه القبعات ايضاً.
  أدي سلفا كير القسم حينها نائب لرئيس الجمهورية ورئيسا لحكومة الجنوب امام الرئيس البشير، كما خلف الراحل ايضا في منصب قائد الجيش الشعبي ورئيس الحركة (السياسية)... وبمجرد جلوسه علي كل تلك الكراسي وجد الرفيق سلفا ان سلفه قرنق قد مهد له الاوضاع تماماً وكان كل ما عليه هو ان يضيف بصمته، فكيف كانت تلك البصمة؟؟
   أبرز ما ميز قيادة سلفا هو واقعيته الصريحة (حتي ان لم يصرح بنوايه من ورائها) فقد قام الرجل بتوحيد اغلب (ان لم نقل كل) الجنوبيين خلفه برغم اختلاف نواياهم ومقاصدهم، اذ استرضي واستقطب أحد أعدي أعداء قرنق وحركته وهو الجنرال (النويراوي) الشرس فولينو ماتيب وعينه وزيرا للدفاع ونائب له في قيادة الجيش، كما قرب النويراوي الأخر الدكتور مشار وعينه نائب له في رئاسة حكومة الجنوب، كماعين ابن الشلك لام اكول وزيرا للخارجية، كما نجح في احتواء كل من كان يطلق عليهم (ابناء قرنق) والذين افضل تسميتهم ابناءه غير الشرعيين.. لكونهم كانوا مجرد متسببين في المتاعب السياسية له ولغيره دون ان تكون لهم رؤية واضحة وبالتالي دون خطة للتنفيذ!!
   لقد قاد سلفا سفينة الحركة والجنوب في تلك الحال حتي عبر بها الي الانفصال الذي كان يعمل له بصبر ودون ضوضاء، والان بعد ان وصل لغايته يبدو انه وجد الوقت ملائما للتخلص من ابناء قرنق وفي نفس الوقت وسع حلفه وضم جنوبيين كانوا يحسبون علي النظام بل وعلي جملة الشمال، اذ قام بتعيين رياك قاي (امين منبر الجنوب/سابقا/ بالمؤتمر الوطني) في منصب وزاري رفيع كما عين عبدالله دينق نيال ، والذي يمكن اعتباره من الاصوليين، وهو أول وزير شئون دينية واوقاف في عهد الانقاذ، في منصب حساس بالجنوب، كل هذه التعيينات لا تبررها ضرورات التحالف المرحلي فقط بقدر ما تعكس سعة هامش المناورة لدي سلفا الذي يفهم ان الجنوبي هو جنوبي في المقام الاول وأي انتماء آخر يأخذ بعدا ثانوياً ولا يهم ما اذا كان انتماء للمؤتمر الوطني اوالشعبي أو حتي طالبان!!
   يعود سلفا للخرطوم هذا الاسبوع بعد هذه المناورة الكبيرة التي اجراها والتغيير الذي يقترب من مرحلة الانقلاب، فهل يأتي مرتدياً قبعة الجنوب وحده؟؟ وحاملاً ملفات النفط والحدود و أزمة أبيي فقط؟؟ أم يأتي ايضاً حاملا قبعات أصدقائه (قطاع الشمال) وملفات جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور؟؟
   وبأي عين يراه أعضاء نادي الكاثوليك في الخرطوم (المؤتمر الوطني حالياً)؟ هل ينظرون لخطواته الاخيرة التي اطاح فيها بالصقور من ابناء قرنق والمتعصبين لضم أبيي للجنوب؟ وتعيين مقربين من الخرطوم في مناصب وزارية.. هل ينظرون لكل ذلك بعين الرضي (التي هي عن كل عيب كليلة؟؟؟) أم يستمرون في النظر اليه بعين السخط (التي للمرء تبدي المعايبا؟؟) ويطالبونه باغلاق حدوده وقطع امداده عن الفرقتين (التاسعة والعاشرة) وايقاف ايواء قادة وعناصر الجبهة الثورية والفصائل المقاتلة في دارفور؟؟ أم تري يكونوا اكثر اتزانا وعقلانية هذه المره وينظروا اليه بالعينين معا في محاولة لتخفيف اثر الازمة الاقتصادية التي تضيق علي الشعبين الشمالي والجنوبي؟؟؟
   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...