التيارات السلفية وهي حركات دينية واجتماعية
بالأساس وسياسية ايضاً ؛ آخذة في الانتشار وتكتسب باستمرار شعبية متزايدة واراضي
جديدة وبصورة مزعجة علي الاقل لأنصار ودعاة الدولة المدنية والمجتمع المدني (الدولة
الحديثة بنظامها القانوني المنبثق عن عقد اجتماعي) .
صحيح ان عامل مهم من عوامل انتشار تلك
التيارات (الحركات) هو الدعم والرعاية (المالية والفكرية - المذهبية) التي تتلقاها
بصورة منتظمة من مؤسسات مجتمعات البتروريال الاسلامية؛ الا ان ان هذا لا ينفي وجود
عوامل أخري أدت لإنتشار تلك الحركات، وهي عوامل ذاتية تمثل استعداد بيئات عديدة في
الدول الاسلامية لتقبل غرس فسيلة الحركات السلفية ونموها وازدهارها فيها، من تلك
العوامل التخلف والجهل والانحطاط العقلي والفكري وكلها ترتبط ارتباطا وثيقا بالفقر
وعدم التنمية...
فحركات
السلفيين تستغل مثلاً الانقسام الأولي للمجتمعات (هذا الانقسام لا تسلم منه
المجتمعات الناهضة والمتقدمة لكنه يبرز بجلاء في المجتمعات المتخلفة) الي عالم
رجال وعالم آخر للنساء، وتسعي تلك الحركات لتعميق هذا الانقسام وترسيخه لكونه يكرس
لسيطرة وتمكين تلك الحركات، فموقف السلفيين من عالم النساء والذي يتسم برفض اي
نشاط اجتماعي او دور للمرأة وحظر استجابة النساء لشروط المجتمع المدني الحديث ليس
مرده الوحيد هو الايمان واليقين الاصولي كما يروج له السلفيين ويعتقد الكثيرون..
وانما ايضاً لحالة القطيعة (المعاصرة)؛ وقد وجدت السلفية في الايمان مجرد مبرر
وغطاء يمكن الاستفادة منه واستغلاله؛ فاصبح ذلك الايمان "التاريخي" داعم
ومسوغ لحالة الاختلال وحالة مرضية غير سوية،
هذا
التفسير قد يفهم عند النظر لموقف رجال التيار السلفي، لكن ما الذي يجعل ويدفع نساء
(سلفيات) لتبني هذا الموقف من المرأة وعالمها المراد عزله؟؟ الاجابة ببساطة هي ان
النساء في هكذا مجتمعات في الغالب لا يتمتعن بقدرة واستقلالية اجتماعية واقتصادية
تخولهن اختيار موقف مذهبي وفكري حر ومستقل.. فهن في الغالب يتبعن عائلهن (الزوج
/الاب/ الاخ..ألخ)
هذا
علاوة علي ان الخضوع لإغراء الالتزام العقدي الديني ( الذي يدعو للتضحية بالحياة
الدنيا كلية احيانا للفوز في الحياة الأخرة) قد يسوغ اختيار موقف لا يتماشي مع
الميول النفسية والرغبات الحقيقية .. فالدين هنا يستغل لإحداث إزدواج أو فصام أو
حتي حالة ذهان وعصاب احيانا..
ان انتشار التيارات السلفية (برغم كونه مزعج
كما سلف القول ) الا انها تظل محكوم عليها
بالانغلاق ومن ثم التخشب والتحجر والموت لكونها مصطنعة لذا تجدها لا تميل للتعاطي
مع مشاكل الراهن الملحة بل تركن الي اثارة قضايا ومسائل اقل ما يمكن ان توصف به هو
الانصرافية،
تلك الحركات السلفية تميل لمناقشة؛ والولوج في
جدل من شاكلة هل حمل المسبحة حرام ام جائز واشتطاط بعضهم لدرجة تكفير من يحملها
" كأنهم لم يروها في يد اسيادهم ومموليهم وهم يلوحون بها حفلاتهم الراقصة
التي تفوق في نزقها وبذخها ماكان يحدث في مجالس الخلفاء العباسيين!!" وتميل
ايضا لمناقشة أمور كزي الرجال وزي المرأة خصوصاً ومسألة الاختلاط؛ وهي مسائل لا
تثير إلا عقل فارغ لشخص متبطل ... اذ لايوجد فيهذا العصر "عصر ضغوط العمل
والالتزامات الحياتية الهائلة" لايوجد من لديه وقت ينفقه في مجادلات كهذه
وملاحظة ما الذي ترتديه هذه وملاحقة تلك لمعرفة ما تفعله والمجادلة حول دوافع
خروجها من قعر دارها!!
اما كان أجدي لتلك الحركات ان تحاول مناقشة
المسائل التي تجنبها الأسلاف ومن ثم تسببت لاحقاً في فجوات و هوات فكرية ومذهبية
سحيقة؟! كسؤال اصل اللغة العربية مثلاً، وهل هي اصطلاح بشري أم منحة ربانية؟
وبالتالي هل اللغة شئ مقدس أم لا؟ وهل هناك فرق بهذا الخصوص بين لغتنا وسائر لغات
الشعوب ؟ وايضاً السؤال القديم "هل القرآن أزلي أم مخلوق؟" وما
رأيهم في حقيقة كون القرآن الكريم نزل بسبعة أحرف " أي كتابات وليس
قراءات" ذلك قبل ان يحمل سيدنا عثمان
(رضي الله عنه) الناس علي قرأته بحرف واحد؟.
أما كان اجدي ايضا التفكر في فتواهم القديمة
المتجددة بعدم جواز الخروج علي الحاكم، وهل المستفيد منها هو مجتمع المحكومين ام
من هم علي سدة الحكم؟ وكيف يتم تداول السلطة لتحقيق قوله تعالي (تعطي الملك من
تشاء وتنزع الملك عمن تشاء بيدك الخير انك علي كل شئ قدير) ام لا يتم ذلك العطاء
والنزع الا بالوراثة والموت؟؟ أليس في ذلك تشجيع لنماذج الملك العضود؟!!
اما كان اجدي لهم وللناس ان يفكروا في بعض
الامور المعاصرة والافتاء في حكم انفاق "سادتهم ومموليهم" لأموال
المسلمين علي شراء اندية كرة قدم في اوروبا ، والتقرير في حكم تبديد أموال الشعوب
في تنظيم واستضافة دورات الالعاب الاولمبية "الأسيوية تحديدا" والتي
تشارك فيها نساء بملابس "السباحة والجمباز.." اقل ما يمكن ان توصف به هو
كونها "فوق السافرة" ، وحكم انفاق الاموال لإستضافة مباريات كأس العالم وما
يصحبه من لهو ومجون وفسق لهو امر معلوم؟؟! هذا في حين يوجد اخوة لهم لا يجدون ما
يقيم أودهم؟
وكذا توضيح موقفهم من سياسات الاقامة لدي بعض
الدول التي تفرض نظام (الكفالة والكفيل) علي المقيم العربي والمسلم والذي عليه ان
يسلم جواز سفره لكفيله فيصبح كالرقيق تحت تصرف سيده!! ولا يملك من امر نفسه شيئا،
بينما المقيم من رعايا الدول (الكافرة) يتمتع بكافة الحقوق ويلقي معاملة خير من
تلك التي يلقاها صاحب الارض نفسه!!
وما هو موقفهم ايضا من القضايا العلمية
المعاصرة "كالاستنساخ واستزراع الانسجة الجزعية" وتلك مسائل يتحاشونها
بينما يحبذون الجدل بشأن عمليات التجميل وغيرها من الانصرافيات...
فلو أجابوا عن تلك الاسئلة او بعضها او
فليحاولوا مجرد محاولة جادة وحينها يمكن ان يجادلوا بأنهم خير خلف لخير سلف وليسوا
شر خلف مثلما هم عليه فعلياً.
تعليقات
إرسال تعليق