ازمة الطاقة في السودان و المتمثلة في شح امداد التيار الكهربائي للمدن السكنية و المناطق الصناعية و الزراعية و شح امداد الوقود (الجازولين و البنزين) تعكس حال الاقتصاد السوداني و مستوي معيشة المجتمع، هذه الازمة المتقادمة هي مجرد عرض لأزمة السودان الجوهرية و المتمثلة في التخطيط و الادارة..
صحيح ان الازمة تعقدت خلال الاعوام و الشهور الاخيرة، او ربما توقعات الناس ارتفعت بعد التغيير السياسي و يريدون تغيير اقتصادي و خدماتي "و هذا تطلع مشروع" .. و تحقيق هذا التطلع لن يتم بالطرق القديمة المتبعة في السابق و بالطرق التقليدية، و لا بأسلوب حملات مواقع التواصل الاجتماعي، مثلما يتكثف اليوم من تذمر و غضب في سماء تلك المواقع ما ينذر بأحد حملات الفيسبوك و الواتساب "الانتقامية" و التي قد تكون ادارة الكهرباء هدفاً لها في مقبل الايام و الاسابيع!
ازمة الطاقة عرض لأزمة اعمق، فالدولة السودانية عانت من غياب الخطط، و في حال وجودها فانها تكون خطط معيبة غير معتمدة علي ارقام و معطيات حقيقية و لا رؤية او فلسفة، ثم هناك سوء التنفيذ و سوء ادارة عملية تطبيق الخطط، اذ في الغالب تكون العناصر الموكل لها تنفيذ الخطط لا تملك المعارف و المهارات اللازمة للادارة..
ادارة ملف الطاقة في السودان و الخروج به من عنق الزجاجة و حال الازمة الحالي يقتضي استراتيجية جديدة و متكاملة تستهدف زيادة انتاج الطاقة و الادارة المثلي لما هو متوفر و لما يتوافر مستقبلاً..
استراتيجية الطاقة السودانية المأمولة يجب ان تتحرك في كل الاتجاهات الحالية و فتح مسرات جديدة لمصادر الطاقة لذا علي الجهات المسؤولة عن الطاقة ان :-
اولاً: تبحث في امكانيات زيادة انتاج النفط من الحقول الحالية و استكشاف حقول و مربعات جديدة و الاستثمار المشترك مع دولة الجنوب للحصول علي امداد اضافي من النفط، و زيادة سعة المصافي و المستودعات و بناء مصفي و مستودعات جديدة..
ثانياً: الاهتمام بمصادر الطاقة النظيفة و المتجددة، بانشاء محطات لانتاج الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و الوقود الحيوي
ثالثاً: العمل مع دول الجوار الاقليمي و الدولي لبناء محطة طاقة نووية و محطة للطاقة الهيدروجينية (محطات تحليل المياه) ..
و فيما يتعلق بادارة موارد الطاقة المتوفرة حالياً، يحتاج السودان لاعادة تأهيل و ضبط شبكة نقل الكهرباء و كامل شبكة توصيلاتها الثانوية لتقليل فاقد الجهد و تقليل هدر التيار نتيجة للمقاومة في الموصِلات.
اما استهلاك الوقود فيمكن التحكم فيه و ترشيده عبر اعادة بناء و تأهيل لشبكة النقل العام داخل المدن و فيما بينها علي كامل نطاق القطر، فالاعداد المهولة من السيارات التي دخلت الي البلاد املتها حاجة ضرورية نسبة لأن النقل العام لا يعتمد عليه، و ان تم تأهيل المواصلات العامة و الشبكة القومية بما في ذلك السكك الحديدية فإن اثر ذلك لن يتوقف عند تقليل استهلاك الوقود و بالتالي تقليل بند الصرف من العملة الصعبة بل سيمتد الي تقليل الحاجة الي استيراد مزيد من السيارات و بالتالي توفير قسط كبير من العملات التي تذهب لبند استيراد السيارات..
•••••••••••••••••••••••••
مارس ٢٠٢١م
تعليقات
إرسال تعليق