(استغلال تجاوزات مليشيا الجنجويد لاجبار الشعب علي قبول البرهان و الحكم العسكري)
بعد الثورة طبق الاسلاميين و عسكرهم احدي نظريات الاستبداد المعروفة "نظرية ملك القرود" و هي نظرية تعتمد علي تعديل سلوك القرود و دفعها لأن تعاقب نفسها علي تطلعها لتحقيق منفعة او مكسب لنفسها .. تعتمد النظرية علي وضع عدد من القرود في قفص به سبيط موز في الاعلي و عندما تتسلق القرود لتأكل ذلك الموز يدخل عدد من الافراد "حراس القفص" بأيديهم عصي و هراوات و يقومون بضرب القرود ضرب مبرح .. و بعد ان تفهم كل القرود التي في القفص ان محاولة الحصول علي الموز الذي في الاعلي هي سبب العقاب المؤذي و تتوقف عن محاولة الحصول عليه و تكتفي بالموز الذي يقدمه لها حراس القفص يتم اخراج قرد من القفص و ادخال قرد جديد .. يتسلق القرد الجديد ليحصل علي الموز فتقوم بقية القرود بضربه ضرب مبرح و منعه من التسلق، يتم في كل يوم اخراج قرد قديم و استبداله بقرد جديد و تتجد محاولة الحصول علي الموز و عملية الضرب في كل مرة حتي يكتمل استبدال كل القردة التي قام الحرس بضربها بقردة أخري قامت بضرب بعضها و منع نفسها من الحصول علي الموز.. و بذلك يقوم "مجتمع القرود" بمعاقبة نفسه و افراده ذاتياً علي أي تطلعات .. و بذا يكتمل الخضوع التلقائي للاستبداد..
باشعال الحرب خطط الاسلاميين لمعاقبة السودانيين علي قيامهم بخلع البشير، فقد اشعلوا الحرب و هم يعلمون تماماً ان المليشيا سترتكب فظائعها "فالاسلاميين من جهزوا و اعدوا المليشيا في الاساس لترتكب انتهاكات". لقد قاموا باطلاق "قردة" مليشيا الجنجويد لترتكب تجاوزات و انتهاكات شرسة "بحق بقية القردة -الشعب" تجعل انتهاكات السلطة "الحراس" بالقياس اليها تبدو محتملة و طبيعية و مقبولة و مبررة بل و محبذة كذلك..
هناك معلومة قدمها الصحفي المقرب من السلطات (ضياء الدين البلال - هيكل الاسلاميين في السودان) افاد فيها بأنه سأل البرهان قبل الحرب عن ان المليشيا يمكن ان ترتكب تجاوزات كبيرة فأجابه البرهان انهم يعرفون ذلك!!
و الحقيقة انهم ليسو فقط يعرفون ذلك بل يريدونه و يسعون له فانتهاكات المليشيا جزء رئيسي من خطتهم للعودة و الاستئثار بالسلطة..!!
بالنسبة لقائد الجيش و حلفاءه فان انتهاكات المليشيا بمثابة شرعية وجود .. انها "شرعية الانتهاكات" !!
ثمة تصريح لقائد المليشيا قال فيه ان اخطر قائد الجيش بأن الأمور في طريقها للانفلات و ان البلد في سبيلها للتفكك.. فكانت اجابة قائد للجيش: "دعها ستفكك و ستعود الينا" !!
و هذا التصريح كذلك يفسر و يشرح ما يحدث الأن و كيف عادت الأمور بين يدي البرهان اليوم؟!
إذاً كانت انسحابات الجيش و تراجعاته مخطط لها و مدروسة كلها و بهدف توسيع نطاق انتهاكات المليشيا لتطال اكبر قطاع من الشعب السوداني ..
قبل قيام الحرب كان البرهان مجرد انقلابي و مجرم متهم بفض الاعتصام، و كان الاسلاميين مجرد لصوص اغتنوا من المال العام يجب ملاحقتهم و استرداد ما نهبوه..
اما بعد الحرب فقد اصبح البرهان (كاهن) و قائد محنك يحفر "بالإبرة" لينتصر علي المليشيا.. اما الاسلاميين فاصبحوا ابطال تحرير و الحرس القديم "مجرمي هيئة العمليات و جهاز امن المؤتمر الوطني من قتلة المتظاهرين و جلادي التعذيب و التصفيات بالمعتقلات" أصبحوا الأن "أمن يا جن" !!
ان هذه الحرب لن تتوقف مالم تتأكد السلطة من أمرين:
- الاول و هو ان شرعيتها -بسبب انتهاكات المليشيا- اصبحت مستقرة و ليست محل تشكيك ولا تساؤل.
- الثاني و هو ان نظرية "سيد القرود" إتت أكلها و اصبح المجتمع كله خاضعاً و قابلاً لسلطة الأمر الواقع؛ و مستعداً لمعاقبة و ردع كل من يشكك في شرعية سلطة الامر الواقع، و معاقبة كل من يطالب بحرية او حق او عدالة او سلام او سيادة قانون او محاسبة مسؤول .. أي بعد ان يصبح القمع آلية مجتمعية تعمل تلقائياً و لا تحتاج من الحكومة لكبير جهد !!
متي تتحقق سلطة الأمر الواقع من حدوث ذلك ؟؟
من الواضح ان تحقق ذلك يحتاج بعض الوقت حتي تخرس آخر الاصوات التي تتحدث عن الثورة و شهداءها أو علي الاقل حتي تخفت الي المستوي الذي تتمكن السلطة معه من ملاحقته و اخماده بسهولة.
تعليقات
إرسال تعليق