التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اذا كان الإصلاح الإداري يتبع لوزارة العمل، فما هو عمل وزارة "مجلس الوزراء"؟!

  مجلس الوزراء اصبحت له وزارة عندما كانت البلد رئاسية و بلا رئيس وزراء، و بمجرد أن أصبح هناك رئيس وزراء متفرغ لرئاسة الحكومة لا داعي لوزارة شؤون مجلس الوزراء!

 ثم؛ بما انها موجودة (وزارة شؤون مجلس الوزراء)؛ فما هو دورها؟! هل هي مجرد سكرتارية لرئيس الوزراء؟!  هذه الوظيفة التي تقوم بها هذه الوزارة و وزيرها هي ما يقوم به كبير موظفي مجلس الوزراء أو كبير موظفي القصر في كل النظم الرئاسية أو البرلمانية!

كبير الموظفين و المجموعة التي تعمل معه تقوم بمهمة ديوان من دواوين الدولة تعمل باستقلال عن الخدمة المدنية و العسكرية و تحت امرة رئيس الحكومة أو رئيس الدولة مباشرة حسب الحال 

طالما ان هناك وزارة كاملة بمسمي شؤون مجلس الوزراء (شؤون الحكومة) فان من الواجب ان يتبع لها ديوان الخدمة المدنية باعتبار انها اقرب الجهات لعمل الديوان و هو أهم جهاز من اجهزة تنفيذ سياسات و قرارات الحكومة و ادارة الدولة، و هذا ليس هو الوضع المثالي و لا الملائم؟!

الوضع الصحيح و النموذجي ان ديوان شؤون الخدمة من الدواوين الحكومية ذات الصبغة المستقلة، و مسمي ديوان أصلاً لا ينبغي ان يطلق إلا علي الاجهزة المستقلة "النائب العام، المراجع العام..الخ" و اطلاقه علي الضرائب و الزكاة ..الخ حدث تجاوزاً و هو خطأ يجب تصحيحه، فاما ان تكون تلك الدواوين مستقلة عن سلطات الوزير (وزير المالية و الرعاية الاجتماعية علي التوالي) او يتم تغيير مسماها من ديوان الي هيئة او مصلحة او ادارة.. الخ؛ لأن وضوح و صحة التسميات (ديوان، هيئة، وكالة، مصلحة) من وضوح و صحة العلاقات بين اجهزة الدولة و من صحة عملها..

ديوان شؤون الخدمة المدنية إذاً ينبغي ان يكون جهاز مستقل عن الوزارات و يتبع مباشرةً لرئيس الحكومة و له صلة مباشرة و قدرة و امكانية علي الاتصال بالبرلمان و رفع تقاريره له.

الوضع السليم هو ان تحل وزارة مجلس الوزراء و يعود ديوان الخدمة لوضعه كديوان مستقل و يخفف العبء عن وزارة العمل، لتشرف علي سوق العمل و تنظيمه، و تحل مشاكل العمال و أصحاب العمل "في القطاع الخاص" غير الحكومي، فالعمل هو احد اهم ميادين  الاقتصاد و احد ابرز مؤشراته.

في الوقت الحالي و منذ سنوات لا تقوم وزارة العمل بأي من واجباتها، فمكاتب العمل لا تقوم الا بتلقي شكاوي العمال و منازعات العمل، بينما دورها يبدأ من سياسات الدولة بخصوص التشغيل و التوظيف، فالوزارة هي التي تقترح السياسات و الضوابط التي تحكم سوق العمل و التي تشرف علي تنفيذها بالتنسيق مع الاجهزة الاخري... حالياً ليس لمكاتب العمل اي علاقة بالتشغيل، بل لأصحاب العمل حرية مطلقة في تشغيل من يشاؤون ساعة يشاؤون! دون تنسيق بل و دون علم مكاتب العمل!

ثم هناك الدور الرقابي و التفتيشي، للوقوف علي مدي التزام أصحاب العمل الخاص بسياسات العمل و قوانينه.

ثم هناك واجب تنظيم سوق الاستخدام الخارجي و الاستقدام، علي الوزارة و مكاتبها وضع يد الدولة علي سوق الاستخدام الخارجي، و انهاء الفوضي الحالية التي وصلت مرحلة ان تقوم دولة بتجنيد مقاتلين علي أراضينا بلا علم هيئاتنا الرسمية! مطلوب اعداد سياسة متكاملة فيما يتعلق بالاستخدام الخارجي حتي يستفيد الوطن من كادره الذي اهله و أعده؛ استفادةً توقف نزف الخبرات الذي تعرض له جهاز الدولة منذ سبعينات القرن الماضي، و حتي يتمكن من الاستفادة كذلك من ابناءه الذين تلقفتهم المهاجر البعيدة.. كما ينبغي عليها ان تفرد قسم و تضع استراتيجية لحماية العاملين بالخارج قانونياً و فنياً بحيث لا يضاموا و لا تهدر حقوقهم، و أن تصيغ لهم موجهات يلتزموا بها حتي لا يبدر منهم ما يسئ للدول التي يعملون بها و ما يسئ لعلاقات السودان السياسية و الدبلوماسية و "الأمنية" مع تلك البلدان و تحميهم كذلك من ان يقع توظيفهم و استغلالهم للاضرار ببلدهم.   

كما ينبغي وضع سياسة محكمة فيما يتعلق بالاستقدام، حتي لا تؤثر العمالة الوافدة علي ابناء الوطن في لقمة عيشهم، و بحيث لا يتم استقدام إيدي عاملة من الخارج إلا في تخصصات منعدمة و يستحيل تأهيل عمالة وطنية في مجالاتها في المدي القصير أو المتوسط، و اذكر أيام عائد النفط ان بعض الشركات الخاصة و التي تتعاقد مع اجهزة حكومية و ادارات عمومية كانت تستجلب عمالة من بنغلاديش و غيرها و كأننا الكويت!  مع ان ابناء الوطن يعانون بطالة مستفحلة و قاتلة.

و كذلك علي الوزارة ان تهتم بقطاع التدريب، خصوصاً التدريب المهني و التلمذة الصناعية و الحرفية لاعداد و تأهيل الأيدي العاملة المدربة و الماهرة التي تستطيع ان تشارك في قيادة تنمية وطنية كما تستطيع ان تنافس في سوق العمل الدولي ذو التنافسية القوية. 

الجزء الوحيد الفاعل من وزارة العمل -مكاتب العمل نفسها- لا تزال تعمل بالنظام القديم "قبل النظام الاتحادي" فيما يجب ان يعاد تقسيمها الي مكاتب عمل اتحادي (وكيل وزارة لشؤون مكاتب العمل) و مكتب ولائي و مكاتب بالمحافظات/المعتمديات عند الضرورة و حسب الكثافة العمالية و حاجة سوق العمل، و لكل منها صلاحيات و اختصاصات توضح بدقة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...