نجح الكيزان و بعد شهور قلائل من السيطرة علي السلطة في تحويل الجيش الي جناح عسكري تابع لهم، و بسبب ضعف قائد الانقلاب العسكري (البشير) و الضباط الذين معه لم تكن هناك أية مقاومة لسيطرة المدنيين علي الجيش "الفششوية، مجموعة التنظيم الخاص و منسقي الدفاع الشعبي و الخدمة الوطنية .." و حتي عندما تأكد البشير من ان الكيزان "المدنيين" اضعف من ان يتخلو عنه او ينقلبوا عليه اعتمد عليهم و سمح باستمرار نهج تسيس الجيش و الاعتماد علي مليشيات و قوات خارج الهيكل العسكري و سمح بهيمنة جهاز الامن عليه!
بعد الثورة و لأن القيادة العليا كلها متورطة في تجاوزات حكم الاسلاميين لم يقوم بأي اجراءات فعلية لتغيير التوجهات داخل الجيش و تغيير النهج و العودة لمسار المؤسسة القومية غير المسيسة.. كل ما فعله البرهان لذر الرماد هو اعادة بعض الضباط الذين أحيلوا ل "الصالح العام" في ١٩٨٩م و اوائل التسعينات، و امر بتسوية ملفات الشهداء ضباط حركة ابريل/رمضان ١٩٩٠ (معاشات اعتبارية)، و بطبيعة الحال لم يعيد كل المفصولين لأن نسبة مقدرة منهم غيبهم الموت و نسبة كبيرة تفرقت بها سبل الحياة من هجرة و غيره.. اعاد نسبة منهم لأنه يعرف ان عودتهم لن تؤثر لأن الجيش ما عاد هو نفس الجيش فقد تغير الكثير خلال ثلاثين عاماً.. فالعائدون اصبحوا كالنقطة في بحر متلاطم وسط قيادة و مجموعات ضباط تربوا علي نهج النظام البائد و نهج قيادة البشير و الجنرالات الموالين للحركة الاسلامية ...
اليوم يجاهر الاسلاميين بشعار رفض تدخل الساسة المدنيين في الشأن العسكري، و هي ذات الشعارات التي يتبجح و يتشدق بها الجنرالات الموالين للاسلاميين!
يجاهرون بذلك لأنهم يضمنون اليوم هيمنتهم علي الجيش و كل القوات النظامية..
في اصرارها علي السير علي خطي البشير و اتباع نفس سياساته و "حماية الاسلاميين بل و استمرار تمكينهم في الجيش و خارجه" وضعت قيادة الجيش نفسها في مواجهة الشعب و ثورته..
بحثت قيادة الجيش عن حواضن سياسية تدعم سياساته و سط الاحزاب "المتوالية" و الحركات المسلحة "المقربة"؛ و حواضن اجتماعية وسط الادارة الاهلية و الطوائف الدينية الا انها فشلت فشلت زريع و لم يتبقي لها من حصن الا الجيش لذا فهي تستخدمه "و بالتعليمات و الأوامر العليا" كدرع ضد الشعب!
لن يتحمل الجيش هذا الوضع لمدة طويلة و لن يستسيغ حالة الاختطاف و الاستخدام كدرع سياسي و توظيفه ضد مجتمعه!
ان المخرج للقيادة الحالية للجيش هي (بوابة الاستقالة) و الاعتزال، اعتزال كامل اعضاء المكون العسكري السيادي و هيئة الاركان و كبار الجنرالات من قادة الوحدات الكبيرة .. فلتذهب و تجلس في بيوتها و لتري ماذا سيفعل بها شعبها و جيشها، و لتترك الاسلاميين يواجهون مصيرهم السياسي الذي استحقوه بما كسبت اياديهم خلال ثلاثين عاماً، و الا فان الخيار الثاني هو الاطاحة بهم و اقالتهم و اجبارهم علي التنحي، و هم ليسو اعز ممن اطيح بهم من قبل (البشير و قبله جعفر نميري و عبود)..
يونيو ٢٠٢٢م
تعليقات
إرسال تعليق