التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ســلاح كيميائي .. الموضوع خطير

المزاعم التي راجت باستخدام القوات الحكومية للأسلحة كيميائية في منطقة جبل مرة هي بكل المقاييس مزاعم خطيرة للغاية ويمكن ان تضع السودان (ليس النظام وحده) في مواجهة مع المجتمع الدولي بدرجة مختلفة عن تلك المألوفة منذ عام 1990م، فحتي تاريخه ظلت تلك المواجهة ناعمة تنتهي عند الاتهامات والقرارات والادانات وحتي الحصار الاقتصادي و القصف المتقطع (مصنع الشفاء لا غير)، ام بعد هذه المزاعم فقد تتحول الي تدخل عسكري وحرب مباشرة وربما احتلال ايضا. لذا ينبغي علي السلطات ان تتعاطي مع هذا الملف بمسؤولية ومهنية عالية وليس بأسلوب التكذيب في المؤتمرات الصحفية و الحروب الانشائية والكلامية التي درجت عليها..
فهذه المزاعم غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين نظام الاصوليين (أو الانتهازيين) الحاكم في الخرطوم بالدول والمنظمات الغربية؛ برغم ان هذه العلاقة منذ مستهلها تقوم علي عدم الثقة والعداء المبطن و المستتر!! لكن لم يسبق وان اتهمت الحكومة بأنها استخدمت الاسلحة الكيميائية او أي نوع من الاسلحة غير التقليدية!!
من هنا تأتي أهمية ان يعي قادة النظام الاصولي ان علاقتهم بالغرب دخلت منعطفا جديدا وان نمط التعاطي واسلوب الاستجابة ينبغي ان يختلف.
 ان تجربة ملف المحكمة الجنائية الدولية يعلمنا درساً في التعاطي مع ادعاءات واتهامات الاعلام والمنظمات والدول الغربية ، فالمزاعم بوقوع جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية في دارفور بدأت تروج نهايات العام 2003م ولكن لم يواجه النظام تبعاتها الا في مارس 2009م، وبالمثل فإن المزاعم الحالية تبدو ضعيفة وهي تتحدث عن حوادث وقعت قبل اعوام (2012م تحديدا) لكن الغربيون سيعملون بدأب و مثابرة حتي يصعد هذا الملف الي السطح،
 فإن اتبعت الحكومة سياسة الاستخفاف و النفي اللامبالي فانها ستواجه يوما بموجة عاتية لن يجدي حينها محاولة النفي أو التك>يب الجاد..
 لا نسعي للتخويف او (الارجاف) لكن  لتنظروا الي نظام الاسد والذي دعمته روسيا والصين دعم مفتوح وصريح حينما تمت مواجهته بمزاعم استخدام غاز الكلور قام بفتح اراضيه لفرق التفتيش بل وقام بتسليم كل ما يملك من مواد ومعدات يمكن ان تستخدم في انتاج اسلحة كيميائية للأمم المتحدة وفق جدول متفق عليه ولم تخل الحكومة السورية بأي التزام أو موعد!!
كذلك حينما لوحت اميركا بملف الاسلحة الكيميائية في وجه معمر القذافي قام بتسليم اسلحته وملفاته كلها..
حتي صدام حسين الذي فتح بلاده للمفتشين ولكن كان يراوغ بحجج ابلاغه عن جدول التفتيش قبل وقت كافي ليستفيد من نظرية (الغموض البناء الاسرائيلية) فان هذا الغموض هو ما عصف به!!
وايران كذلك (حليف اصوليي الخرطوم القديم وعدوهم الحالي) تعاملت مع المزاعم الغربية بتطوير سلاح نووي بمنتهي الجدية حتي وصلت الي اتفاق يوصف بأنه تاريخي. 
ان الانكار بالكلام والزعم بان السودان لا يستخدم ولا ينتج اسلحة او ذخائر كيميائية لا يجدي فمعلوم للكافة الحكومة الحالية قامت بتأسيس وحدة في القوات المسلحة تعني بكاملها بالحرب الكيميائية واسماها (سلاح الكيمياء)!!
لذا فإن النفي ينبغي ان يكون بأن تسعي الحكومة لإقناع مجلس الامن و منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الي ارسال اتيام و وفود باسرع توقيت للوقوف علي مدي صحة مزاعم المنظمة البريطانية (العفو) و تفنيدها بشهادة الجهات المختصة وليس بشهادات مساعد الرئيس او وزير خارجيته!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...