في اعقاب تنامي ظاهرة العنف الدموي و اللفظي
بين طلاب جامعاتنا الحكومية و الاهلية والخاصة (التجارية) تفتقت عبقرية سلطان
الانقاذ عن انشاء وحدة خاصة من الشرطة تسمي الشرطة الجامعية و تتولي حراسة
الجامعات ويفترض فيها ان تحول بين الطلاب المختلفين سياسيا و تمنع تكرار حوادث
القتل و الاصابات البدنية الجسيمة والطفيفة التي راح ضجيتها مئات الطلاب داخل حرم
الجامعات والمعاهد !!
ثم وفي اعقاب تنامي ظواهر الاعتداء علي العاملين في
الحقل الطبي والتي بدأت وبالتعدي علي الاطباء وانتهت بالاعتداء علي العيادات
والمستشفيات نفسها كبنية اساسية؛ تفتقت ذات العبقرية عن استحداث و حدة جديدة من
الشرطة تسمي شرطة المستشفيات وتتولي حراسة المرافق الطبية و تحول بين المرضي
والاطباء في حال وقوع اختلاف او اشتباك!!
للمفارقة فان حوادث الاعتداء علي الاطباء سن سنتها افراد
من القوات النظامية الحكومية وبذا تشهد كل الحوادث السابقة في الخرطوم و مدني
وسنار ونيالا قبل ان تتطور في مستشفي امدرمان و غرفة ولادة مستشفي الشهيد ببحري
شمال!!
مثلما ان ظواهر العنف الطلابي في الجامعات سن
سنتها التنظيم السياسي الموالي للحزب الحاكم حاليا "المؤتمر الوطني"،
فمنذ حادثة رقصة العجكو الشهيرة وحتي آخر حدث سالت فيه دماء طلاب زكية كان طلاب
التنظيم الحاكم هم المتسببين فيها؛ ويكفي للتدلل علي ذلك ان هناك ما لا يقل عن خمس
حالات قتل وسط الطلاب لا تزال مقيدة ضد مجهول لأن القتلة ينعمون بحماية القانون
"قانون السلطة" في واحدة من اسوء حالات الافلات من العقاب.
وان سارت الامور علي هذا المنوال فان الدولة
ستحتاج لإعادة هيكلة الشرطة السودانية لتنقسم اضافة للفرعين اعلاه الي شرطة (مدارس،
واسواق، ومواقف نقل ومواصلات، وشرطة حدائق وميادين، و شرطة مسارح، وشرطة اندية،
وشرطة ملاعب و شرطة شواطئ... الخ
لست
بالتأكيد في وارد التقليل من مجهودات جهاز الشرطة او التشكيك في قدراتها و امكاناتها،
فللأمانة ظلت الشرطة تتحمل وزر سياسات خاطئة كلياً، وتتحمل فشل اجهزة وسلطات اخري
و ظلت تحمل المسؤولية رغم التدخلات والتقاطعات السياسية والحزبية العديدة في هذا
العهد،
ان الحل الذي تتجنبه السلطة هو اعادة بناء اجهزتها كلها
لا سيما المختصة منها بتقديم الخدمات العلاجية والتعليمية، واعادة الروح والحيوية
لجسد المجتمع الذي اثقلته جراح الحروب الاهلية والانقسامات الاجتماعية، اضافة لشظف
العيش والمعاناة المادية وانهيار المؤسسات الثقافية من مسارح ودور سينما و صحف
واجهزة ثقافة واعلام...الخ، وانهيار مؤسسات رعاية الشباب وتراجع بل وتفشي الروح
الانهزامية التي وصلت حتي الي المجال الرياضي الذي وبرغم الغرور بما يصرف علي
اندية رياضية بهينها وفي مجال محدد هو كرة القدم لا يزال المردود يراوح محطة
الصفر.
ان ما هو حادث اليوم هو ان التفلتات انتقلت من
الاطراف (دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق) لتصبح تفلتات داخل كل مدينة بل وداخل
مرافق الدولة وبيوت المواطنيين!
كل ذلك بسبب ضعف تلك المرافق وعجزها عن خدمة
المواطن وبسبب تسميم جسد المجتمع بثقافة العنف واقتلاع الحق والباطل التي تفشت
بالتوازي مع تفشي الفساد في البلد.
تعليقات
إرسال تعليق