التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دارفور بلا حرب؟!


اعلن رئيس الجمهورية من عاصمة شمال دارفور الفاشر ان التمرد قد إنحسر الي جيوب قليلة وان حسمه "حربا او سلما" اضحي مسألة وقت! قد ﻻ يكون هذا التصريح هو اﻻول في هذا السياق؛ فالتصريحات تتواتر بخصوص النزاع المسلح في دارفور و غير دارفور "جنوب كردفان والنيل اﻻزرق"، كثيرا ما كذب الواقع بعدها تلك التصريحات، لذا لست بصدد الخوض في انتهاء تلك اﻻزمات او استمرارها.. انما ما أود قوله: ان الحرب في دارفور قد تتوقف لسبب او ﻵخر و ان اﻷحوال في اﻻقليم قد تهدأ من تلقاء ذاتها، لذا فان توقفها ليس مؤشرا يعتمد ﻷن ازمات دارفور و جنوب كردفان والنيل اﻻزرق ليست ازمات مستقلة بذاتها و إنما عرض ﻷمراض الدولة و المجتمع السودانيين، و انعكاس و استجابة ﻹختناق في قلب النظام السياسي والقانوني واﻻداري، فحدوث اﻻزمة او التمرد في دارفور او غيرها ﻻ يجعل من اﻻزمة ازمة اقليم بعينه بقدر ما تعني ان اﻻقليم كان اسرع او اعلي استجابة من غيره. وبالتالي فان انتهاء النزاع و هدوء اﻻحوال ﻻ يعني بالضرورة انتفاء اسباب النزاع و انما قد يكون مجرد فتور "سري في الساحة" او حتي تغير في القناعات بشأن اﻻدوات وليس في لب القضية. ثم ان الازمة لو انتهت من تلقاء ذاتها بفعل الوقت او خلافه فإن اخطاء الحكام في زمان الحكام عديمي أهلية الحكم هذا لن تسمح بفترات هدوء طويلة، اﻻستفتاء المزمع اجراءه بين خياري اﻻقليم او الوﻻيات الخمسة "حاليا والقابلة للزيادة مستقبلا" يرجح ان يسفر عن سبب "جديد كليا" للخلاف و الحرب، و بين يدينا الاستفتاء المزعوم علي خيار دارفور الاقليم الواحد أو المناطق الخمسة، والذي من المستبعد ان يوجد تسوية للأزمة، لكن ليس من المستبعد ان يؤجج نارها التي بدت تخمد! كما ان تدابير نزع السلاح من حملته عبر "شراء الدولة له من المواطنين نقدا" و بغض النظر عن الصعوبات العملية التي تواجهه من شاكلة تحديد سعره و مدي استجابة المواطنين لهذا البرنامج و ما يمكن ان يسفر عن منازعات متولدة او مستقلة و بغض النظر ايضا عن التجارب الفاشلة السابقة لنزع السلاح في اﻻقليم "تجربة الوالي الطيب ابراهيم محمدخير"، فإنها يمكن ان تقود لتجارة سلاح بين قاطني اﻻقليم و الدولة لتعيد للأذهان تجربة "سوق المواسير الشهيرة"، و هي سوق راجت في دارفور عام 2009م نتجت عن الحرب والركود الاقتصادي الطويل ثم الهبوط المفاجئ لأموال المنظمات الطوعية و الانسانية الدولية والاممية و وقوة الاتجاد الافريقي و مجلس الامن، و أموال النفط السوداني.. و كان تجار السوق يشترون من اي شخص ما يود بيعه يسعر عالي آجل ثم يبيعونه اياه بسعر منخفض عاجل، أو العكس !! و نتجت عنه ازمة مالية وفضيحة اخلاقية وقانونية. ﻻ يعقل ان تشتري الدولة سلاح من رعاياها فهذا نهج غير مسبوق بالمره ويؤشر لمدي اﻹفلاس اﻻخلاقي الذي تردت اليه السلطة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...