الدولة السعودية تتعامل في الشأن الخارجي اقليما و دوليا بعقلية التاجر الشحيح، فهي تشتري المواقف وﻻ تدفع اﻻ ابخس اﻷثمان، تقطع علاقتها مع معظم الدول بسبب مواقف خارجية عند اﻻزمات و ﻻ تعيدها اﻻ في اتون ازمة ثانية؛
عارضت عبد الناصر فدعمت اﻷخوان وصنعت من اﻻسلام السياسي خطر فعلي وتهديد لكل العالم اﻻسلامي، عارضت السادات فكانت عزلة مصر عن محيطها لما يزيد عن عقد من الزمن ولم تعيدها الي مكانتها اﻻ ازمة حرب الخليج الثانية.
غضبت علي الملك حسين بن طلال فأضطر للإحتماء بامريكيا و توقيع معاهدة مع اسرائيل "وادي عربه". و
غضبت علي السودان معظم سنوات حكم البشير -الترابي فتركته يواجه ازماته العسكرية و المالية و السياسية حتي فقد ثلث مساحته و شعبه ولم ترضي عنه اﻻ بعد ان انحاز لها في ازمة جنوب الجزيرة "حرب اليمن". و
هاهي تعادي لبنان وتكيل له من مواقف العداء مع ان لبنان كان البوابة التي دخلت منها السعودية لعالم الريادة السياسية اﻹقليمية "إتفاق الطائف"، ربما كان ذلك فقط بداعي ترتيب المنطقة لمرحلة ما بعد حرب الخليج اﻷولي و لتحرير الكويت!.
كما دعمت حكم علي عبد الله صالح لليمن و ساندته في وجه ثورة ابناء شعبه،ثم لما يئست منه انقلب عليه واشعلت حرب اليمن.
وفي هذا السياق أتي تحالفها مع حكومة البشير "المغضوب عليه فيما مضي" ليتحول اﻷخير من حليف موثوق ﻹيران لربع قرن الي عدو سافر لها، و مشارك مع السعودية بجنوده في حربها علي نصف الشعب اليمني!
قد يظن البشير و اركان حكمه ان رضا السعودية يعني عمر جديد لنظام اﻻنقاذ الحاكم في الخرطوم منذ 1989م، لكن هذا اﻹعتقاد خاطئ كليا، فالتاريخ يعلمنا ان اﻻقتراب من حكام السعودية "الحلفاء المقربين للإدارة اﻻمريكية" قد يعجل بسقوط اﻻنظمة أكثر من ان يعني استقرارها،
و ما سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك ببعيد اذ اضطر للتنازل رغم السند السياسي واﻻقتصادي المفتوح الذي وجده من حكام اللمملكة و رغم الدعوة العلنية له للبقاء و التشبث بالسلطة في حين كانت كل الرسائل من اصقاع اﻻرض تدعوه للتنحي،
وتجربتنا في السودان ايام حكم النميري توضح لنا اﻷمر جليا اذ لم يستفد النميري من علاقات نظامه الودية مع السعودية والتي سمحت له باﻻحتفاظ بصلات طيبة مع حكومة مصر السادات استثناءا من "اﻹجماع العربي".
لكن دعمها له لم يغني اذ تردي حكمه في متاهات حرب اهلية و مجاعة حتي اضطر لبيع البشر "ترحيل يهود اثيوبيا/الفلاشا" و سلم البلاد لجماعة اﻻسلام السياسي اقتصاديا علي اﻻقل وكان مفتاح ذلك نشاط بنك فيصل اﻻسلامي " و ما فيصل اﻻ ذاك الملك السعودي، و الذي يتولي نجله رئاسة مجلس ادارة البنك".
ان اﻻقتراب من السعودية ﻷي حاكم ﻻ يعني اكثر من توفير ملاذ و مهرب له حال سقوط نظامه فيلجاء اليها ليقضي اخريات ايامه بعيدا عن اﻻضواء و بمأمن عن عدالة و طنه و شعبه، رفقة بن علي و عيدي امين و الامبراطور بوكاسا !!!
دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...
تعليقات
إرسال تعليق