التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موت ومأتم السياسي !


حالة اﻻنغلاق السياسي او انسداد اﻷفق و غياب مبدأ التداول السلمي و "تواصل اﻷجيال او حتي صراعها" جعل موت السياسي "أو ما اسماه الامريكيون بالحل البيولوجي" هو الخيار الوحيد لﻹحلال و اﻹبدال في مجتمعنا.. و كون الموت هو خيار او الحل الوحيد فهذا كارثي اذ ليس كل موت طبيعي، بل يفتح الباب علي مصراعيه لتوظيف الموت ﻹخلاء المسرح من الخصوم السياسيين "بالتصفية و اﻹغتيال" و ثمة شبهات كثيرة ثارت باحتماﻻت اغتياﻻت و تصفيات، تشككنا في موت بيو يو كوان، و الزبير محمد صالح و اروك طون و ابراهيم شمس الدين ورفاقه و مجذوب الخليفة و آخرين كثر. ثم أصبح -موت السياسي- حدثا سياسيا بامتياز؛ و صرنا نتجادل "انصار السياسي الراحل وخصومه" أن هل يصح نقده ام يجب الترحم عليه و الدعاء له بالغفران؟! تركنا شأننا الدنيوي و اقحمنا انوفنا في شأن اﻹله! وان اخذنا مأتم الشيخ حسن الترابي كحالة لوجدنا اننا قد اتخذناه مناسبة لتصفية الحسابات من جانب و مناسبة لتمرير خطاب و تعديل مواقف من جانب آخر، لكن الطريف في اﻷمر ان "صيوان" عزاء الترابي فضح الذين قالوا له في حياته: "قلوبنا معك و جيوبنا مع البشير".. و الكلام بين اﻷقواس للترابي نفسه؛ اذ كان شبه الصراع بينه و بين الرئيس بالصراع بين اﻻمام علي "ك" و معاوية "ر"! حين قال البعض للإمام قلوبنا معك و سيوفنا مع معاوية و قولهم الصلاة خلف علي أقوم والطعام عند معاوية ادسم". ان السياسي سواء مات ميتة طبيعية او غيرها و بحكم انه سياسي يصبح بالتوازي مع كونه "في ذمة الله"؛ في ذمة التاريخ ايضا، و للتاريخ منطقه و أدواته التي يعملها و يطبقها علي الجميع بلا محاباة، و له محكمته التي ﻻ تقل صرامة و دقة عن المحاكم الجنائية .. فهو يستمع لكل الرويات و ينقب في كل الوثائق و المستندات و يختبر كل الفرضيات و الرؤي، و يستمع ايضا لكل الشهود "العيان و الرأي و الخبرة"، هو ﻻ يهمل اي دليل مادي او ظرفي مباشر او قرينة. فلنترك التاريخ يقول كلمته ويقرر احكامه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...