التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التأثير العكسي.. المقاربة الدبلوماسية الامريكية الجديدة

تطورات متسارعة شهدتها الساحة الدولية مؤخراً أبرزها إعادة العلاقات الدبلوماسية بين كوبا وامريكيا بعد خمسة عقود من القطيعة، وايضا التوصل لإتفاق حول برنامج ايران النووي بين الاخيرة ومجموعة الـ (5+1) و هو الاتفاق الذي قد لا يطبع العلاقات الايرانية الامريكية سريعا ولكنه بالتأكيد سينزع فتيل التوتر بين (الشيطان الاكبر) و أحد أهم اقطاب (محور الشر).
تلك التطورات لم تأتي من فراغ و إنما لأن الولايات المتحدة ربما تكون قد توصلت بعد اجراء تقييم لمدي فعالية سياستها ودبلوماسيتها، توصلت لخلاصة وقناعة بعد أن رأت كيف ان دولا عديدة سقطت حكوماتها برغم الرضي الامريكي الذي تسبغه عليها ورغم الدعم المتصل سياسيا واقتصاديا وفنيا و...الخ؛ كأنظمة وحكومات تونس ومصر وليبيا واليمن ..الخ ، بينما بالمقابل رأت دولا أخري تشهد أنظمتها "البغيضة؛ حسب وجهة النظر الامريكية" استقرارا وثباتاً تحسد عليه كـ (كوبا و كوريا و ايران والسودان...الخ) فتكشف لها ان دعمها ليس شرطا لازما لإستقرار الحكومات بل قد يتجاوز الامر ذلك لينقلب الدعم والسند وبالا علي تلك الحكومات والانظمة ذلك لأن شعوبا عدة في بلدان عديدة تكن عداءا فطريا للحكومات الامريكية وسياستها ومواقفها وخططها ومساعي هيمنتها.
بينما في المقابل تستفيد أنظمة عدة ولسنوات طويلة من عداء امريكيا لها، وتمكنت من مد جزورها وبناء احلاف اقليمية ودولية وتقوية قبضتها داخليا حتي اضحي من المتعذر اسقاطها أو خلعها.
لذا، علي ما يبدو، قررت امريكيا تطبيع علاقتها مع تلك الانظمة "البغيضة" حتي تتمكن عبر هذا التطبيع من ممارسة "تأثيرها العكسي" ومن ثم اضعاف قبضة تلك الانظمة وازالتها حتي، مع عدم تكبدها اي خسائر جراء تلك المقاطعة "الغبية".
إن كانت امريكيا قد اكتشفت مؤخرا نفوذها أو تأثيرها العكسي، فلما تقبل الانظمة البغيضة بالتخلي عن "ميزة" عداء امريكيا لها وقد عرفت منذ عهد بعيد فوائد العداء الامريكي لها؟؟ ولم تقبل التطبيع الأن؟؟
ليس ثمة اجابة قاطعة عن هذا السؤال لكن علي مايبدو فان تلك الانظمة قد اغترت بقوة قبضتها الداخلية وتعتقد انه ما من سبب للخوف من السقوط "حيث طالما ان امريكيا نفسها قد عجزت عن اسقاطها فانه ما من قوة قادرة علي ذلك" وهي ايضا ترغب في خوض مغامرة استكشاف غموض العالم الامريكي وتجريب رضي بلاد "االعم سام".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...