التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأمن السوداني : لدق القراف... أم للدفاع عما لايمكن الدفاع عنه!!!


       لم يكن ثمة شئ يشي بأن صباح الـ ثاني والعشرون من نوفمبر هذا يختلف عن سابقاته ، الا ان رسالة عبر الهاتف الجوال من صديق (حوالي الخامسة صباح) تحمل خبرا منسوبا الي وكالة الانباء الفرنسية ويقول الخبر ان المخابرات السودانية احبط محاولة تخريبية واعتقلت عسكريين ومدنيين.
اسرعنا الي الفضائيات العالمية وجدنا الخبر بحذافيره رجعنا الي (أزقة قنواتنا) فوجدنا احداها تمدح والاخري تصلي والثالثة تغني وترقص ...!!
كعادتنا التي تعلمناها في التعاطي مع تسريبات الانقاذ الامنية، ركنا الي التحليل الذي تعوزه المعلومة الدقيقة والصحيحة فقلنا ربما ان الانقاذ استشعرت خطورة الموقف وانسداد افق السياسة في البلد وانفتاح التوقعات علي كل الخيارات من الانقلاب الي الثورة الشعبية العامة، فقررت استباق الجميع بتدبير (حركة) تحدث بها فرقعة اعلامية علي طريقتها الاثيرة المتأسية بالمثل العامي دق القراف خلي الجمل يخاف.. والجفلن خلهن اقرع الوقفات ،، وتلك اضحت قواعد سياسية في هذا الوضع  الراهن وتثبت مدي جهل حكامنا وبربريتهم وعقليتهم الرعوية، وتتخلص بها من بعض خصومها الذين يشكلون لها مصدر زعزعة واضطراب وخطر محتمل ،،وتخيف بها كل من تحدثه نفسه بالتحرك علي طريقة نحن هنا .. ويسند هذا السيناريو ان بعض صحف اليوم تمكنت من نشر اخبار (المحاولة التخريبية -وفق التسمية الرسمية- منها صحيفة السوداني) وهذا يسند فرضية ان العملية لم تدخل بعد طور التنفيذ وانما لاتزال في مراحل التفكير والتخطيط،  هذا هو اول السيناريوهات.
انتصف النهار الان وشلال التسريبات مستمر.. وتشير اخرها الي ان السلطات اعتقلت بعضا من اركان جهاز الامن السابق مع (بطل حرب هجليج!!) وبعض رموز القوات المسلحة المتقاعدين (اللواء المصباح) اما وسط المدنيين فلم ترشح اخبار عن اسماء المعتقلين بعد.
هذا الوضع الي الأن يحتمل يرشح  سيناريو ثانٍ هو ان انسداد الافق لدي المتسلطين وصل مداه واستبانوا النصح اخيراً فسعت مجموعة منهم الي النجاة عبر بوابة الانقلاب (ومثل هذا الانقلاب في العرف السياسي يسمي بانقلاب القصر، وان نجح سمي بثورة تصحيحية وان فشل سمي محاولة تخريبية او انحرافية أو....ألخ)) وبالتالي فان ماحدث (بافتراض صحته) وما أعلنت عنه السلطات الامنية يكون حقيقة تعبر عن وصول الخلاف داخل الصف الحاكم والمتنفذ الي نهاياته فتحول كبار السندة الي مخربين!!.
وهذا بطبيعة الحال قد يمثل مخرج مؤقت للنظام لكنه لا يعتبر بطبيعة الحال مخرج للوطن من ازماته المتكاثفة.
وبالنسبة للحادبين علي المصلحة الوطنية فان ماحدث يمثل اشارة جادة علي ضرورة التحرك الشعبي لأسقاط النظام بتخريبييه ومؤشر علي نضج كل الشروط الداعية للتغير.     

  علي كل حال بات واضحا وجليا ان الاوضاع التي اوصلت الانقاذ بلادنا اليها هي اوضاع لايمكن الدفاع عنها ولايستطيع اقوي جهاز امن تسويقها او تبريرها ..لاأمن عطا ولا حتي الموساد..
  أسوء ما في الامر ان جهاز (الامن والمخابرات الوطني) اعتاد علي ان يستند علي قانون القوة وليس قوة القانون ولم يسبق ان قدم ايٍٍٍٍ ممن اعتقلهم لمحاكمه لإدانتهم وفقا لإجراءات محاكمة عادلة اما القضاء، لذا فمن غير المأمول ان تقدم من اعتقتهم في هذه المحاولة التخريبية الجديدة لمحاكمة تكشف ابعاد وطبيعة العمل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...