تتحدث اميركا و بلدان الاتحاد الاوروبي و بريطانيا كثيراً عن دعم الديمقراطيات و المجتمع المدني و (القطاع الخاص) في بلدان العالم الثالث.. لكن في الواقع دعم الحكومات الغربية لنظم و تنظيمات الاستبداد لا يقارن بما تتحدث عنه! و في الواقع تحظي الجماعات و المؤسسات المساندة للدكتاتوريات بدعم كبير من حكوماتها و من حكومات اجنبية أخري؛ و لا يقتصر الامر علي صلات مشبوهة بالفساد بمجموعات مرتبطة بالصين و روسيا؛ انما تتجاوزها الي رعاية و تمويل من حكومات ثرية في منطقة الشرق الاوسط و هي حكومات يصفها البيت الأبيض و 10 داونغ استريت و قصر الإليزيه بأنها حكومات حليفة لها (الخليج)!! لسنا بصدد تقليب ملفات الارتباط و التحالفات القديمة بين الانظمة الغربية و انظمة (و تنظيمات) الاستبداد في الشرق الاوسط و العالم الثالث .. و ان كانت هذه الارتباطات لا تزال وثيقة بمبرر ان تلك الانظمة "الاستبدادية" هي حكومات امر واقع De facto ؛ انما و حتي بعد ان بدأت الحكومات الغربية تبتعد قليلاً عن تلك الأنظمة و تطالب قادتها بالاستجابة لشعوبها -و التنحي و تحاربها احياناً (صدام حسين، بشار الاسد، القذافي، مبارك-السيسي، زين ا...
بالنسبة لاغلب الساسة السودانيين فان الرئيس الاسبق "و المخلوع كذلك" جعفر نميري هو من قصم ظهر مؤسسات الدولة السودانية و مؤسسات المجتمع، هو من تبني نهج الاحلال و الابدال في جهاز الدولة بتسكين الموالين و مضايقة غيرهم.. و هو من اباح كسر اللوائح و التعهدات بحجة انها "ليست قرآن و لا انجيل"، و هو من احدث اكبر هزة في منظومة الحقوق و القوانين حين القي بكل التراث و الخبرة القانونية السودانية المستمدة من نهج القانون العام في إرشيف النسيان و استلف قوانين و تجربة من منظومة القانون القاري و مدونة القوانين العثمانية في 1973م قبل ان يتحول في 1983 الي نهج القوانين الدينية (التوجه الاسلامي لماذا؟) هذه التقلبات كان لها اثر حاسم في انهيار منظومة و ثقافة الحقوق الوطنية في السودان.. اما بالنسبة للاسلاميين فان جعفر نميري هو رائد التحول الاسلامي و هو امام المسلمين في السودان الذي "تنعقد له البيعة"!! فجعفر نميري هو الذي فرض قوانين العقوبات الدينية و قانون القضاء الديني "قانون اصول الاحكام" كل ذلك بقوة الأمن و قوة سلاح الدولة! وهو الذي مكن لتجربة البنوك الاسلامية ...