القوات المسلحة تحولت من (قوات الشعب السوداني المسلحة) لتصبح الجناح العسكري للحركة الاسلامية و جناح عسكري لحزب المؤتمر الوطني منذ ١٩٨٩م و حتي ٢٠١٩م، بل و حتي الأن لم يتم فيها تغيير جذري لتعود قوات قومية و وطنية غير مسيسة و غير متحزبة..
فالوضع الذي كانت فيه تحت سيطرة البشير و لمنفعته الشخصية و منفعة تنظيمه الذي يعاونه يحافظ عليه البرهان لمصلحته هو و لمصلحة حلفاءه السياسيين (في الدعم السريع و الحركات و بقايا الحركة الاسلامية و المؤتمر الوطني).
و بالتوازي مع السيطرة علي الجيش و لاستكمال تحويله لمليشيا حزبية قام البشير (و تنظيمه) بخلق العديد من المليشيات الموازية من المليشيات الايدولوجية (الدفاع الشعبي) الي المليشيات الاثنية و القبائلية (قوات السلام) الي آخر ما اصطلح عليه بالقوات الصديقة وصولاً الي تتبيع الجنجويد لحرس الحدود و الدعم السريع.
عدم حدوث تغيير واضح في المؤسسات النظامية هو ما يغري الحركة الاسلامية للاستمرار في تأسيس مليشياتها حتي بعد سقوط نظامهم و خلع "رئيسه" (قوات كيان الوطن) !
اليوم اصبح اجتماع عميد فما فوق هو المكتب السياسي للجناح العسكري للحركة الاسلامية و يهرع اليه البرهان كلما ضاقت حوله الدائرة و يمارسون فيه السياسة بوضوح فاضح!
لم يتحول الجيش وحده بل الشرطة نفسها اصبحت جناح بوليسي للتنظيم! وهذا لم يحدث حتي في اعتي الشموليات من النازية الي الشيوعية الستالينية و شيوعية آل كيم و ماو و الفاشية.. في كل تلك الانظمة البوليس هو قوة انفاذ القانون علي الجميع اما في السودان منذ ١٩٨٩م و حتي اليوم الشرطة مجرد اداة في يد تنظيم و يد السلطة !
ذلك التحول (من قوة قومية غير محزبة لجناح سياسي لحزب) لا يتحمل مسؤوليته الجنود و الصف و الرتب الصغيرة انما يتحمل مسؤوليته:
- الرتب القيادية و الضباط العظام الذين رضوا بالهوان و ان يكونوا تحت امرة الرتب السياسية و ضباط التنظيم،
و رضوا بأن يتولي البشير القيادة العامة من ١٩٨٩ و الي ٢٠١٠م كأول قائد عام يتولي المنصب هذه الفترة الطويلة بما ينتهك نظم و قوانين القوات المسلحة و ترتيبات القيادة و الادارة العسكرية.. و حتي بعد ان اجبرته اتفاقية سلام نيفاشا التي قسمت البلد علي التنازل عن المنصب قام بالتنازل شكلاً لكنه الغي منصب القائد العام و احتفظ بالسلطة العسكرية كاملة في يده!
- تتحمل مسؤوليتها كذلك القوي السياسية المعارضة (كلها) لأنها جهلت و أهملت هذا الشأن الوطني الهام و سلمت بوضع ان القوات المسلحة هي جناح سياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم و الحركة الاسلامية؛ فلم تنتقد هذه الحالة و لم تبذل اي جهد لتبصير الشعب و (العسكريين) بهذا الخلل بل و لم تبصر به هي نفسها و كأنه وضع طبيعي!
و للحزب الشيوعي نصيب كبير و سهم وافر لأنه تعاطي مع هذه المسألة دون الحساسية التي تستحقها و اكتفي بهجاء و ذم العسكريين (يانورة العسكر مأجورة) و بدعم الحركات المسلحة القريبة منه سياسياً (الحركة الشعبية ثم الحركة الشعبية شمال ثم جناح الحلو و حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد م نور).
- كل المفكرين و انصاف المفكرين و الصحفيين و الناشطين سياسياً، لأنهم يقحمون انفسهم بلا تروي و بلا معرفة بشكل أدي الي ترسيخ الواقع، لأنهم ايضاً اكتفوا بالهجوم علي المؤسسة العسكرية و النظامية دون ان يعرفوا مواطن الخلل، بل و بعضهم ظنّ ان هذا هو الوضع الطبيعي و يستعدون الي تحويل تلك القوات الي اجنحة موالية لهم ان صعدوا للسلطة او استرضتهم تلك الحكومة!
نوفمبر ٢٠٢٢م
تعليقات
إرسال تعليق