التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلام علي برنامج اصلاح الدولة

   موظف بدرجة رفيعة بمؤسسة علمية حكومية مرموقة و بخبرة تجاوزت العشر سنوات قام فيها بتمثيل المؤسسة في عدة مناسبات بالداخل والخارج 'ما يعني انه اكمل اجراءات ادارية داخلية الاف المرات ناهيك عن صرف مستحقاته وراتبه، وصرف الراتب عند العساكر هو دليل وجودي' واتته فرصة لشغل منصب رفيع في مؤسسة اقليمية مرموقة 'ايضا' فطلب اجازة بدون مرتب، فجاءته الاجابة التي لم تحطر له علي بال ولا اظنها تخطر لكم..
قالوا له ان تعيينه لم يكتمل بسبب عدم وجود شهادة الكشف الطبي بالملف وان عليه القيام بالكشف الطبي تمهيدا لاكمال اجراءات تعيينه ومن ثم النظر في طلب منحه الاجازة !!!!!
  هذا يحدث في المؤسسات 'العلمية' و هو يصلح كنموذج يلخص حالها ولكم اعزائي تخيل ما يمكن ان يحدث وما هو حادث بالفعل في مؤسساتنا غير العلمية، فبالله ماذا يريد ان يصلح جماعة برنامج اصلاح الدولة الذي يقوده نائب رئيس ورئيس مجلس الوزراء القومي و بماذا و كيف ومتي ؟؟ وهل يعقل ان يصلح الدولة الذين تولوا مهمة تخريبها؟ يستحيل.
ان جهاز ادارة الدولة السودانية بجميع افرعه بلا استثناء 'المدني والعسكري و القانوني' اشبه ما يكون بشبكة مياه قديمة متهالكة لمدينة ضخمة ' Metropolitan ' ان تم تبديل الصمامات وقعت الحمولة علي الانابيب فتفجرت اما ان تم تبديل الانابيب فان الصمامات ايضا ستخرج كلها عن الخدمة!!
الحل الامثل هو تصميم وتركيب شبكة جديدة بديلة تعمل بالتوازي مع القديمة علي ان تخرج الاخيرة من الخدمة تدريجيا حتي يكتمل الاحلال، اما اي محاولة لاصلاح القديم فانه ما من ضمان ان يفسد القديم الجديد!
ان جهاز دولة الولاءات والقرابات والمحاباة و التحلل لن تجدي معه الجراحات التجميلية والترقيع ومحاولات الاصلاح؛ لأن الداء استشري و بلغ نخاعها الشوكي وعصبها الحساس، والعلاج الوحيد في مثل هذه الحال هو اعادة ارساء قوانين الحكم والادارة ونظمها ولوائحها والسهر علي ان تلك القوانين تطبق دون تمييز او انتقائية و بفعالية تامة، ومع ذلك مراقبة عمل تلك الاجهزة وموالاة ابعاد العناصر غير الكفؤة و الخاملة والمخربة وصولا لأعلي مستوي من الاتقان والتطوير والابداع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...