تواترت الانباء أن
قاضي محكمة جنائية بمنطقة الحاج يوسف أصدر حكماً بإدانة إمرأة متزوجة (إسمها مريم
يحي وتعمل طبيبة) بتهمتي الزنا (بزوجها) !! والردة !!؛
وإن وضعنا حكم الردة جانباً، لأننا لانتوقع ان
يستوعب قاضي من قضاة عدالة هذا الزمن الانقاذي الاغبر، زمن طالبان السودان؛ ان
يستوعب حقيقة كون جريمة (حد الردة) وعقوبتها (وهي الاعدام) لم تقحما في قانون
السودان الجنائي إلا إرضاءاً لرجال دين متطرفين وبدائيين؛ متعطشين لسفك دماء البسطاء
والعامة (هم من الذين اذا سرق الوضيع اقاموا عليه الحد وان سرق الشريف تركوه) وهم
فوق ذلك قلة تضخموا بسبب سيطرتهم علي المال والاعلام ومحاباة دولة الحزب وحزب
الدولة لهم؛ ولن يستوعب القاضي "المحترم!" ان النص " من بدّل دينه
فاقتلوه" تقابله نصوص أخري كثيرة جدا (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) و (لو
شاء ربك لآمن من في الارض جميع أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين)..
كما لن يفهم ان ذاك
النص يتعارض كلياً مع نصوص معاهدات دولية ملزمة للسودان ومع القانون الانساني
الدولي وحتي مع نصوص دستور السودان الانتقالي المعمول به حاليا (باب وثيقة
الحريات)؛
كما لن يستوعب اراء شيخ الانقاذيين العائد لتوه
كي يمسك بمفاصل القرار وخيوط اللعب كما كان في أعوام الانقاذ الاولي (وهو من صاغ
القانون الجنائي وحده.. وكتبه بيده)، وهو صاحب فتوي ورأي إخراج الردة من الحدود،
وفتوي جواز زواج المسلمة من كتابي ..الخ
ان وضعنا هذا جانباً
الي حين، وركزنا النظر علي حكم الادانة بتهمة الزنا الذي أصدره الذي اصدره في
مواجهة الطبيبة (مريم)؛ وبالمقابل قام بتبرئية شريكها (زوجها من ذات التهمة؟؟!! لن
نصل الي الي نتيجة واحدة هي ان هذا القاضي نموذج وعينة من قضاة السودان في عهد
العبث الانقاذي القضائي والقانوني والذين هم في الغالب الاعم لايمتون للمعرفة
والعلم القانوني بصلة بل ولايقربون كذلك للشريعة بنسب..!
فتهمة الزنا
"التي هي من ضمن الحدود" والحدود بدورها تدرء بالشبهات، لاينطبق الحد
فيها علي شخص منفرد، فهي جريمة بطبيعتها تحتاج الي شريك، فلا يمكن بل يستحيل ان
يرتكب شخص منفرد (وحده) جريمة الزنا !! وحيث ان الشريك قد تمت تبرئته فإن هذه
البراءة تنسحب علي الطرف الثاني ويستفيد من قاعدة درء الحدود بالشبهات..
كما ان القانون
السوداني ينص علي ان الزنا هو مايقع بين رجل وامرأة ليس بينهم "رباط
شرعي" ويقول القانون ان الرباط الشرعي المعتد به هو الزوج المعتبر بنظر الفقهاء (غير المجمع علي
بطلانه)، فهل زواج مريم مجمع علي بطلانه؟؟ ومن أجمع علي ذلك؟؟ بل من يعتد باجماعه
في زماننا هذا؟؟
ثم أوليس الشيخ حسن الترابي (شيخ الاسلاميين في السودان وإمام الانقاذيين ومفكرهم) قد افتي بجواز عقد مثل هذه الزيجة؟؟
ثم أوليس الشيخ حسن الترابي (شيخ الاسلاميين في السودان وإمام الانقاذيين ومفكرهم) قد افتي بجواز عقد مثل هذه الزيجة؟؟
ثم أن حد الـــردة؛ الذي لم يدان بموجبه شخص في
السودان منذ ان اقحم في سبتمبر 1983م خلاف الاستاذ المفكر محمود محمد طه، ما باله
يعود ثانية الأن؟؟ أهي الورقة الاخيرة التي تلقيها الانقاذ في وجه الشعب الغاضب
الـ "متوثب" للإنقضاض علي حكم
الفئة الفاسدة المستبدة؛ مثلما كانت في يد النميري و زمرته وسدنته؟! والغرض من
التلويح به "حـد الـردة" الأن هو زيادة جرعة الاستغلال والاتجار بالدين
والوصول به الي أقصي مــدي!!
لا أظن هذا الاسلوب
يفلح فقد وصل الغضب الشعبي ايضاً نهاياته القصوي...
تعليقات
إرسال تعليق