التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإستباحـــة




 الاستباحة عمل كانت تقدم عليه الجيوش الغازية في القرون الماضية، فعندما ينتصر جيش غازي معتدي علي اهل بلد معين فان قادة الجيش الغازي يطلقون العنان لجنودهم ليومين او ثلاثة علي اكثر تقدير كمكافأة لهم علي الانتصار.. فيقوم الجنود في تلك الايام والليالي بارتكاب كل المخالفات والجرائم من قتل وتعذيب ونهب واغتصاب وحرق ..الخ، 
 بعدها يقوم قادة الجيش بوضع قواعد قانونية تحكم المنتصر والمهزوم، صحيح ان تلك القواعد تكون مفصلة علي مقاس الغزاة الا انها في المطلق قواعد معروفة ومرعية وتطبق علي الطرفين علي قدم المساواة،
علي أية حال فمنذ التوقيع علي اتفاقيات فينا الاربعة المتعلقة بالحروب بعيد الحرب العالمية الثانية  فان هذه الممارسة تقلصت وتراجعت وما عاد في وسع جيش نظامي ارتكابها.
واذا كانت استباحة الجيوش الغازية بالتحديد المذكور مفهومة، فإن غير المفهوم هو الإستباحة التي نفذها نظام الانقاذ المتألف من حفنة من العسكر وحلفاءهم من الاسلاميين خصوصا التنظيم الخاص للحركة الاسلامية في السودان (حلف البشير/الترابي)..
فهذه استباحة قام بها "وطنيون" استباحوا فيها دماء واموال واعراض مواطنيهم، من اعترض منهم في المدن والقري  او من عارض بالسلاح في الغابات والصحاري، استباحة لم تستثني الابرياء العزل من المدنيين والعسكريين، استباحة استمرت لربع قرن (25عاما بالتمام والكمال)،
 استباحة مستمرة بلا قواعد او قوانيين تساوي بين الحاكم والمحكوم، فالمتنفذين في وسعهم ليس فقط الافلات من العقاب بل وحتي عدم المساءلة والتحقيق حتي ..فهناك قانون ينطبق علي "الرعية" اما "الراعي" فان القاعدة الوحيدة التي تحكمه هي (لا قواعد) !!
هي استباحة لن تنتهي الا بنضال ومقاومة شعبية كاملة ينخرط فيها كل المواطنين لإنهاء حالة الاستباحة هذة وتاسيس دولة المواطنة وحكم القانون، الدولة التي يتساوي فيها كل الرعية "حاكمين ومحكومين" امام القانون بلا تحيز ولا محاباة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...